معجم البلدان - الحموي - ج ٢ - الصفحة ٣٥٣
يتزين عندهم بالجميل ويستتر منهم بالقبيح إلى أن كان ما كان من قضاء الله ورأي الخلفاء الراشدين في الاستبدال بهم وتصيير التدبير لغيرهم فاختلت الدولة وكان من أمرها ما هو مشهور من قبل الخلفاء في زمن المتوكل وهلم جرا ما جرى من أمر الديلم والسلجوقية وغير ذلك، وقال قحطبة بن شبيب لأهل خراسان: قال لي محمد ابن علي بن عبد الله أبي الله أن تكون شيعتنا إلا أهل خراسان لا ننصر إلا بهم ولا ينصرون إلا بنا، إنه يخرج من خراسان سبعون ألف سيف مشهور، قلوبهم كزبر الحديد، أسماؤهم الكنى وأنسابهم القرى، يطيلون شعورهم كالغيلان، جعابهم تضرب كعابهم، يطوون ملك بني أمية طيا ويزفون الملك إلينا زفا، وأنشد لعصابة الجرجاني:
الدار داران: إيوان وغمدان، والملك ملكان: ساسان وقحطان والناس فارس والإقليم بابل وال‍ إسلام مكة والدنيا خراسان والجانبان العلندان، اللذا خشنا منها، بخارى وبلخ الشاه داران قد ميز الناس أفواجا ورتبهم، فمرزبان وبطريق ودهقان وقال العباس بن الأحنف:
قالوا خراسان أدنى ما يراد بكم ثم القفول، فها جئنا خراسانا ما أقدر الله أن يدني على شحط سكان دجلة من سكان سيحانا عين الزمان أصابتنا، فلا نظرت، وعذبت بفنون الهجر ألوانا وقال مالك بن الريب بعد ما ذكرناه في ابرشهر:
لعمري لئن غالت خراسان هامتي، لقد كنت عن بابي خراسان نائيا ألا ليت شعري! هل أبيتن ليلة بجنب الغضا أزجي القلاص النواجيا؟
فليت الغضا لم يقطع الركب عرضه، وليت الغضا ماشى الركاب لياليا ألم ترني بعت الضلالة بالهدى، وأصبحت في جيش ابن عفان غازيا؟
وما بعد هذه الأبيات في الطبسين قال عكرمة وقد خرج من خراسان: الحمد لله الذي أخرجنا منها ليطوي خراسان طي الأديم حتى يقوم الحمار الذي كان فيها بخمسة دراهم بخمسين بل بخمسمائة.
وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال:
إن الدجال يخرج من المشرق من أرض يقال لها خراسان يتبعه قوم كأن وجوههم المجان المطرقة، وقد طعن قوم في أهل خراسان وزعموا أنهم بخلاء، وهو بهت لهم ومن أين لغيرهم مثل البرامكة والقحاطبة والطاهرية والسامانية وعلي بن هشام وغيرهم ممن لا نظير لهم في جميع الأمم، وقد نذكر عنهم شيئا مما ادعي عليهم والرد في ترجمة مرو الشاهجان إن شاء الله. فأما العلم فهم فرسانه وساداته وأعيانه، ومن أين لغيرهم مثل محمد بن إسماعيل البخاري ومثل مسلم بن الحجاج القشيري وأبي عيسى الترمذي وإسحاق ابن راهويه وأحمد بن حنبل وأبي حامد الغزالي والجويني إمام الحرمين والحاكم أبي عبد الله النيسابوري وغيرهم من أهل الحديث والفقه، ومثل الأزهري والجوهري و عبد الله بن المبارك، وكان يعد من أجواد الزهاد والأدباء، والفارابي صاحب ديوان
(٣٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 348 349 350 351 352 353 354 355 356 357 358 ... » »»