الأنساب - السمعاني - ج ٥ - الصفحة ٤٩
أيهذا العزيز قد مسنا الدهر * بضر وأهلنا أشتات وأبونا شيخ كبير فقير * ولدينا بضاعة مزجاة قل طلابها فبارت علينا * وبضاعاتنا بها الترهات فاغتنم شكرنا وأوف لنا الكيل * وصدق فإننا أموات فلما وصل إليه الشعر ضحك، وقال: علي بهم. فلما دخلوا قال: أبيتم إلا أن تضربوا وجهي بسورة يوسف، والله إني لمضيق، ولكني أقول، كما قال الشاعر:
لقد خبرت أن عليك دينا * فزد في رقم دينك واقض ديني يا غلام، اقترض لي عشرين ألفا بأربعين ألفا، وفرقها فيهم.
وحكى (1) أن المأمون قال يوما لأبي دلف، وهو مقطب: أنت الذي يقول فيك الشاعر:
إنما الدنيا أبو دلف * عند مغزاه ومحتضره فإذا ولى أبو دلف * ولت الدنيا على أثره فقال: يا أمير المؤمنين، شهادة زور، وقول غرور، وملق معتف، وطالب عرض، وأصدق منه ابن أخت لي حيث يقول:
دعيني أجوب الأرض التمس الغنى * فلا الكرج الدنيا ولا الناس قاسم فضحك المأمون، وسكن غضبه.
وحكى ابنه دلف بن أبي دلف، قال: رأيت كأن آتيا أتاني بعد موت أبي، فقال:
أجب الأمير، فقمت معه، وأدخلني دارا وحشة، وعرة سوداء الحيطان، مقلعة السقوف والأبواب، ثم أصعدني درجا فيها، ثم أدخلني غرفة في حيطانها أثر النيران، وفي أرضها أثر الرماد، وإذا أبي عريان، واضع رأسه بين ركبتيه، فقال لي كالمستفهم: دلف؟ فقلت:
نعم، أصلح الله الأمير، فأنشأ يقول:
أبلغن أهلنا ولا تخف عنهم * ما لقينا في البرزخ الخناق قد سئلنا عن كل ما قد فعلنا * فارحموا وحشتي وما قد ألاقي أفهمت؟ قلت: نعم. ثم أنشأ يقول:

(١) القصة والشعر في: تاريخ بغداد ١٢ / 421، 422، والبيتان اللذان أنشدهما المأمون لعلي بن جبلة، وهما في الأغاني 8 / 254، والعقد 1 / 307، 2 / 166.
(٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 ... » »»