أخبار القضاة - محمد بن خلف بن حيان - ج ٢ - الصفحة ١٠٠
إياهم وإشباعه عليهم حتى يجبر الله منهم العظم الكسير ويسد به حاجتهم وخلتهم وقد (بحمد الله) رأوا من ذلك تباشيره ما قرت به العيون وثلجت به الصدور ورجوا به تمام ذلك وتمام نعمه عليهم ولعمرى يا أمير المؤمنين فالأمر في هؤلاء الناس لمن وليهم العائد عليهم لنفعه السعيد هديه الذي لا مصرف له عنه إلى ما هو خير له منه في دينه ودنياه بل الذي لم يول أمورهم إلا بالعدل فيهم وإقامة الحق بينهم عليهم ولهم وما منزلته التي استخلفه الله لها فيهم إلا كمنزلة الوالد الرؤوف الرحيم لولده والحريص على رشدهم وريبهم العزيز عليه عيبهم وفسادهم العفو عن سببهم الساتر لعرورتهم الآخذ بما لا يجمل تركه وما منزلته فيهم التي يقوى بها على أمورهم إن شاء الله إلا منزلة من لا يقر به إليه ولا غنى به عنه وقد آتى الله أمير المؤمنين من سلطان النعمة لدينه والمعونة له والحجة عليه خصالا عظمت بها المنة عليه وعلى رعيته فيه من السمع والطاعة والسكون والاستقامة وصلاح ذات البين وما يوسع الله به على يديه إن شاء الله على الجماعات والبيضة مع موضعه الذي وضعه الله من رسوله صلى الله عليه وسلم والخلفاء وأن ليس بالذي قصر به تقارب سر فلم يبق إلا الشكر وأن يأمر فيطاع وقد علم أمير المؤمنين أنه قد كان يقال: ليوم من إمام عدل خير من عبادة ستين سنة ففي مثل ذلك يا أمير المؤمنين فليتنافس المتنافسون من الولاة وقد علم أمير المؤمنين أن حمل عليه في هذه الرعية خصال أربع: الثغور والأحكام والفئ والصدقة وأن مما تصح بهذه الخصال الأربع بإذن الله خصلتان: فأما الثغور فقد علم أمير المؤمنين أن قوامها بإذن الله أهل النجدة والشجاعة من أهل الحنكة والتجربة وأن مما يصلح أولئك ما استعين بهم أن يسبغ عليهم وعلى جندهم من العطاء والأرزاق وأن لا يوكلوا إلى ما يصيبون من غنائمهم بل يجلب لهم ولجندهم عندما يحدث الله لهم وعلى أيديهم من ذلك العطاء والألطاف ويخص بجمال ذلك أهل النجدة والبأس
(١٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 ... » »»