الأعلام - خير الدين الزركلي - ج ٨ - الصفحة ١٧١
علي باشا " لا يقل قسوة عن أحمد فيضي، فعادت الثورة، وحوصر الترك في صنعاء.
واشتدت المعارك ولقيت الجيوش العثمانية الشدائد في تلك الديار، فأرسلت حكومة الآستانة وفدا برئاسة " عزت باشا " اتفق مع الامام يحيى، وكان يومئذ في " السودة " شمالي صنعاء، على الاجتماع في دعان (بالشمال الغربي من عمران) وأمضيا شروطا للصلح أوردها الواسعي في تاريخ اليمن. وانتهى الامر بجلاء الترك عن البلاد اليمنية (سنة 1336) ودخل الامام صنعاء. وخلص له ملك اليمن استقلالا. وطالت أيامه، وهو، كما قال أحد الكتاب في وصفه:
" كل شئ في اليمن، ومرجع كل أمر، دق أو جل، وما عداه من موظفين وعمال وعسكريين وحكام، أشباح وشخوص، لا سلطان لها ولا رأي. وكان يرى الاستبداد في الحكم خيرا من الشورى " وضاقت صدور بعض بنيه وخاصته، وفيهم الطامع بالعرش، والمتذمر من سياسة القمع، والراغب بالاصلاح، فتألفت جماعات في السر، تظهر له الاخلاص وتبطن نقيضه، وعلى رأس هؤلاء أقرب الناس إليه عبد الله ابن أحمد المعروف بابن الوزير (انظر ترجمته) وخرج ولد له يدعى " إبراهيم " عن طاعته، فلجأ إلى عدن وجعل دأبه التنديد بأبيه والتشهير بمساوئ الحكم في عهده. وكان هذا على اتصال بابن الوزير وحزبه ومرض الامام يحيى، ووصل إلى إبراهيم نعيه، وهو حي، فتعجل إبراهيم بالابراق إلى أنصار له في مصر، يذكر موته، وأن الحكم من بعده أصبح " دستوريا " وسمى رجال الدولة " الجديدة " وهم ابن الوزير وجماعته. وشفي الامام من مرضه، وانكشفت له صلتهم بابنه، فخافوا بطشه، فأتمروا به. وخرج بسيارته يتفقد مزرعة له تبعد عن صنعاء 8 كيلو مترات، في طريق الحديدة، ففاجأه بعض صنائعهم بسيارة تحمل مدفعين رشاشين و 15 بندقية، وانهالوا عليه برصاصهم، فقتلوه، ومعه رئيس وزرائه " القاضي العمري " ودفن في مقبرة كان قد أعدها لنفسه. وخلف 14 ولدا يلقبون بسيوف الاسلام. وكان شديد الحذر من الأجانب، آثر العزلة والانكماش في حدود بلاده. وله اشتغال بالأدب ونظم كثير. ومن كلامه: " لان تبقى بلادي خربة وهي تحكم نفسها، أولى من أن تكون عامرة ويحكمها أجنبي ". قلت:
واليمن اليوم، مدين له باستقلاله (1).
يحيى بن مرزوق (.. - نحو 220 ه‍ =.. - نحو 835 م) يحيى بن مرزوق المكي، من الموالي:
أديب، من المغنين المشهورين. نشأ بمكة في العصر الأموي. وعاش طويلا، فكان له في العصر العباسي شأن. وأقام ببغداد، فاتصل بالمهدي وغيره من الخلفاء، وصنف كتابا في " الأغاني " جمع فيه نحو ثلاثة آلاف صوت، أهداه إلى عبد الله بن طاهر.
وتوفي ببغداد (2).
أبو الجنوب (.. - نحو 200 ه‍ =.. - نحو 815 م) يحيى بن مروان بن سليمان بن أبي حفصة، أبو الجنوب: شاعر. من أهل اليمامة. وفد مع أبيه، على موسى " الهادي " العباسي، فمدحه ورثى المهدي.

(1) تاريخ اليمن للواسعي 236 وتحفة الاخوان 43 و عبد الله بن أحمد العلوي، في البلاغ - مصر - 16 صفر 1354 والأهرام 19 / 9 / 1926 وجريدة حضرموت: العدد 101 وسيف الاسلام عبد الله بن يحيى، في مجلة الاثنين 29 / 12 / 1947 والأهرام أيضا 29 / 2 / 1948 وأعلام الدول العربية 123 وملوك العرب 1: 70 - 196 وملوك المسلمين 169 - 204 وبلوغ المرام 84 - 105، 201 - 236 والمقتطف من تاريخ اليمن 217 - 260 وانظر إتحاف المسترشدين 105 وفيه من أسماء الكتب المصنفة في سيرة صاحب الترجمة: " الدرة المنتقاة، في سيرة إمامنا المتوكل على الله " و " قلائد النحور، في سيرة إمامنا المتوكل ابن المنصور ". وفي كتاب نيل الحسنيين (الصفحة 117) ما يستفاد منه أن أول من لقب بحميد الدين، من أسلافه جده الثالث يحيى بن محمد بن إسماعيل، لمصاهرة كانت بينه وبين آل حميد الدين بن المطهر، من أهل كوكبان.
(2) الأغاني، طبعة دار الكتب 6: 173.
(١٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 ... » »»