الأعلام - خير الدين الزركلي - ج ٧ - الصفحة ١٩٢
المختار الثقفي (1 - 67 ه‍ = 622 - 687 م) المختار بن أبي عبيد بن مسعود الثقفي، أبو إسحاق: من زعماء الثائرين على بني أمية، وأحد الشجعان الأفذاذ.
من أهل الطائف. انتقل منها إلى المدينة مع أبيه. في زمن عمر. وتوجه أبوه إلى العراق فاستشهد يوم الجسر، وبقي المختار في المدينة منقطعا إلى بني هاشم. وتزوج عبد الله بن عمر بن الخطاب أخته (صفية بنت أبي عبيد) ثم كان مع علي بالعراق، وسكن البصرة بعد علي. ولما قتل (الحسين) سنة 61 ه‍، انحرف المختار عن عبيد الله بن زياد (أمير البصرة) فقبض عليه ابن زياد وجلده وحبسه، ونفاه بشفاعة ابن عمر إلى الطائف. ولما مات يزيد بن معاوية (سنة 64) وقام عبد الله بن الزبير في المدينة بطلب الخلافة، ذهب إليه المختار، وعاهده وشهد معه بداية حرب الحصين ابن نمير، ثم استأذنه في التوجه إلى الكوفة ليدعو الناس إلى طاعته، فوثق به، وأرسله، ووصى عليه. غير أنه كان أكبر همه منذ دخل الكوفة أن يقتل من قاتلوا (الحسين) وقتلوه، فدعا إلى إمامة (محمد ابن الحنفية) وقال: إنه استخلفه، فبايعه زهاء سبعة عشر ألف رجل سرا، فخرج بهم على والي الكوفة عبد الله بن مطيع، فغلب عليها، واستولى على الموصل، وعظم شأنه. وتتبع قتلة الحسين، فقتل منهم شمر بن ذي الجوشن الذي باشر قتل الحسين، وخولي بن يزيد الذي سار برأسه إلى الكوفة، وعمر بن سعد بن أبي وقاص أمير الجيش الذي حاربه.
وأرسل إبراهيم بن الأشتر في عسكر كثيف إلى عبيد الله بن زياد، الذي جهز الجيش لحرب الحسين، فقتل ابن زياد، وقتل كثيرين ممن كان لهم ضلع في تلك الجريمة. وكان يرسل بعض المال إلى صهره ابن عمر وإلى ابن عباس وإلى ابن الحنفية، فيقبلونه. وشاعت في الناس أخبار عنه بأنه ادعى النبوة ونزول الوحي عليه، وأنه كان لا يوقف له على مذهب، ونقلوا عنه أسجاعا، قيل: كان يزعم أنها من الالهام، منها: (أما والذي شرع الأديان، وحبب الايمان، وكره العصيان، لأقتلن أزد عمان، وجل قيس عيلان، وتميما أولياء الشيطان، حاشا النجيب ابن ظبيان!) وقد يكون هذا من اختراع أصحاب القصص، وقد نقله الثعالبي. وعلم المختار بأن عبد الله بن الزبير اشتد على ابن الحنفية وابن عباس لامتناعهما عن بيعته (في المدينة) وأنه حصرهما ومن كان معهما في (الشعب) بمكة، فأرسل المختار عسكرا هاجم مكة وأخرجهما من الشعب، فانصرفا إلى الطائف، وحمد الناس له عمله. ورويت عنه أبيات قالها في ذلك، أولها:
(تسربلت من همدان درعا حصينة ترد العوالي بالأنوف الرواغم) وعمل مصعب بن الزبير، وهو أمير البصرة بالنيابة عن أخيه عبد الله، على خضد شوكة المختار، فقاتله، ونشبت وقائع انتهت بحصر المختار في قصر الكوفة، وقتله ومن كان معه. ومدة إمارته ستة عشر شهرا. وفى (الإصابة) وهو من غريب المصادفات: أن عبد الملك بن عمر ذكر أنه رأى عبيد الله ابن زياد وقد جئ إليه برأس الحسين، ثم رأى المختار وقد جئ برأس عبيد الله ابن زياد، ثم رأى مصعب بن الزبير وقد أتى برأس المختار، ثم رأى عبد الملك بن مروان وقد حمل إليه رأس مصعب. ومما كتب في سيرته (أخبار المختار - ط) ويسمى (أخذ الثار) لابي مخنف لوط بن يحيى الأزدي.
وسمى صاحب كتاب (الغدير) واحدا وعشرين مصنفا في أخباره (1).
أبو حمزة (.. - 130 ه‍ =.. - 748 م) المختار بن عوف بن سليمان بن مالك الأزدي السليمي البصري، أبو حمزة:
ثائر فتاك، من الخطباء القادة. من بني سليمة ابن مالك. ولد بالبصرة، وأخذ بمذهب الإباضية. وكان في كل سنة يوافي مكة يدعو الناس إلى الخروج على (مروان بن محمد) ولم يزل على ذلك إلى أن التقى بطالب الحق (عبد الله بن يحيى) سنة 128 ه‍، فذهب معه إلى حضرموت، وبايعه بالخلافة. ويقول الشماخي: إن (أبا عبيدة التميمي) أرسل أبا حمزة وبلج بن عقبة، نجدة لطالب الحق.
وتوجه أبو حمزة من اليمن يريد الشام لقتال (مروان) فمر بمكة فاستولى عليها، وتبعه جمع من أهلها. ومر بالمدينة، فقاتله أهلها في (قديد) فقتل منهم نحو سبعمائة، أكثرهم من قريش، ودخلها عنوة. وأقام ثلاثة أشهر. ثم تابع زحفه نحو الشام. وكان مروان قد وجه لقتاله أربعة آلاف فارس، بقيادة عبد الملك ابن محمد بن عطية السعدي، فالتقيا بوادي القرى (سنة 130) فاقتتل الجمعان، فقتل بلج بن عقبة (وكان مع أبي حمزة) وانهزم أصحابهما، فسار أبو حمزة ببقيتهم إلى مكة، ولحقه ابن عطية السعدي فكانت بينهما وقعة انتهت بمقتل أبى حمزة (1).

(١) الإصابة: ت ٨٥٤٧ والفرق بين الفرق ٣١ - ٣٧ وابن الأثير ٤: ٨٢ - ١٠٨ والشعور بالعور - خ.
والطبري ٧: ١٤٦ والحور العين ١٨٢ وثمار القلوب ٧٠ وفرق الشيعة ٢٣ والمرزباني ٤٠٨ والاخبار الطوال ٢٨٢ - ٣٠٠ والذريعة ١: ٣٤٨ و ٣٤٩ وانظر منتخبات في أخبار اليمن ٣٢ و (الفاطميون في مصر) ٣٤ - ٣٨ وفيه بحث عن علاقة المختار بالكيسانية. وفى التاج ٤: ٢٣٨ والقاموس: كيسان لقب المختار بن أبي عبيد المنسوب إليه (الكيسانية) الطائفة المشهورة. والغدير ٢: ٣٤٤ - ٤٥.
(١) الكامل لابن الأثير: حوادث سنة ١٢٨ و ١٣٠ ويفهم منه ٥: ١٤٦ أن أبا حمزة (قتل في وقعة وادى القرى) ويفهم مثله من الطبري، حوادث سنة ١٣٠ خلافا لما في السير للشماخي ٩٨ - ١٠١ ولما في مروج الذهب، طبعة باريس ٥: ٢٣٠ ثم ٦: ٦٦ و ٦٧ من أنه (قتل بمكة) وفى الشذرات ١: ١٧٧ (سارت الخوارج إلى وادى القرى، ولقيهم عبد الملك السعدي فقتلهم، ولحق رئيسهم إلى مكة فقتله أيضا، ثم سار إلى تبالة، وراء مكة بست مراحل، فقتل داعيتهم الكندي). وانظر البداية والنهاية ١٠:
٣٥
وفى النجوم الزاهرة 1: 311: قتل يوم وقعة (قديد) ثلاثمائة نفس من قريش: منهم حمزة بن مصعب بن الزبير بن العوام، وابنه عمارة، وابن أخيه مصعب، حتى قالت إحدى النوائح:
(ما للزمان وما ليه أفنى قديد رجاليه!) قلت: وقعت نسبته في أكثر المصادر، كابن الأثير والشماخي، بلفظ (السلمي) من بني (سلمة) وصححته (السليمي) لورود النص عليه في اللباب 1: 558 والتاج 8: 345 قال الأول: (سليمى، بالفتح، من سليمة بن مالك بن فهم) ثم قال: (وممن ينسب إلى سليمة، أبو حمزة المختار بن عوف بن عبد الله بن مازن بن مخاشن بن سليمة الخارجي صاحب يوم قديد) وقال الثاني: (وكسفينة، سليمة بن مالك ابن فهم بن غنم بن دوس، في الأزد، ومنهم بقية بالبحرين إلى يومنا هذا - أواخر القرن الثاني عشر للهجرة - وقد اجتمعت بجماعة منهم).
(١٩٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 ... » »»