وفيها، قبل حنين، فتح المسلمون (مكة) وكانت معقل المشركين، من قريش وغيرهم.
وفي التاسعة غزوة (تبوك) وكان النصر في أكثر هذه الوقائع للمسلمين.
وفي العاشرة أقبلت وفود العرب قاطبة على النبي صلى الله عليه وسلم وهو بالمدينة. وبعث ابن عمه (علي بن أبي طالب) إلى اليمن فأسلمت (همدان) كلها وتتابع أهل اليمن وملوك حمير على الاسلام.
وحج حجة الوداع (سنة 10) وكانت خطبته فيها، وهو على ناقته، من أطول خطبه وأكثرهن استيعابا لأمور الدين والدنيا.
وفي أواخر صفر (سنة 11 ه) حم بالمدينة، وتوفي بها في 12 ربيع الأول، ودفن في مرقده الشريف.
أما معجزته الخالدة التي بنيت عليها الدعوة، فالقرآن الكريم.
وأما صفاته: فكان إذا خطب (في نهي أو زجر) احمرت عيناه، وعلا صوته، واشتد غضبه، كأنه منذر جيش، وإذا خطب في الحرب اعتمد على قوس، وفي السلم على عصا. وكان طويل الصمت، قليل الضحك، وإذا ضحك وضع يده على فيه، وإذا تكلم تبسم. يجلس ويأكل على الأرض، ويجيب دعوة المملوك، على خبز الشعير. وكان إذا مشى لم يلتفت، وإذا التفت التفت جميعا، يتكفأ في مشيه كأنما ينحط من صبب. وإذا اهتم لامر أكثر من مس لحيته. وإذا أراد غزوة ورى بغيرها. فيه دعابة قليلة، وإذا مزح غض بصره. في كلامه ترتيل وترسيل. شديد الحياء. ضخم الرأس واليدين والقدمين. ليس بالطويل ولا القصير. سبط الشعر. لونه أسمر، وخلقته تامة، وعيناه سوداوان، وفي خديه حمرة.
متواضع في غير مذلة. يمسح رأسه ولحيته بالمسك، ويرسل شعره إلى أنصاف أذنيه، ويلبس قلنسوة بيضاء. وما صافحه أحد فترك يده حتى يكون ذلك هو الذي يترك يده. وكان يخيط ثوبه، ويخصف نعله، ويجالس المساكين. خطيبا أوتي جوامع الكلم، شجاعا بطلا - قال علي ابن أبي طالب: كنا إذا اشتد البأس اتقينا برسول الله، فكان أقربنا إلى العدو - ولكنه لم يقتل بيده إلا رجلا واحدا حاول قتله صلى الله عليه وسلم فسبقه بطعنة في لبته.
من كلامه عليه الصلاة والسلام:
(خير ما أعطي الناس: خلق حسن) (لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له).
(أحب الجهاد إلى الله: كلمة حق تقال لامام جائر).
(الأرواح جنود مجندة: فما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف).
(خيركم من يرجى خيره ويؤمن شره، وشركم من لا يرجى خيره ولا يؤمن شره) (لكل شئ آفة تفسده، وآفة هذا الدين ولاة السوء).
(ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذي).
(من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه).
(الجنة تحت أقدام الأمهات).
(ألا أدلكم على أشدكم؟ أملككم لنفسه عند الغضب).
(أحبب حبيبك هونا ما، عسى أن يكون بغيضك يوما ما، وأبغض بغيضك هونا ما، عسى أن يكون حبيبك يوما ما).
وأما أسرته (صلى الله عليه وسلم) فان زوجته الأولى (خديجة) استمرت معه وحدها إلى أن توفيت (سنة 3 ق ه) وقد ولدت له (القاسم) و (عبد الله) و (زينب) و (رقية) و (أم كلثوم) و (فاطمة).
ومات القاسم و عبد الله صغيرين، فلم يبق له ولد ذكر، فتزوج بعدها أربع عشرة امرأة دخل باثنتي عشرة منهن، وتوفي وعنده تسع، ولم يولد له غير إبراهيم (من سريته مارية) ومات إبراهيم طفلا لم يبلغ سنتين. وتوفي جميع أولاده في حياته إلا ابنته فاطمة، وكان قد تزوجها ابن عمه علي بن أبي طالب، فولدت له (الحسن) و (الحسين) فانحصرت فيهما نسبة كل منتسب إلى رسول الله. وولدت ولدا ثالثا سمته محسنا، مات صغيرا.
وكان للنبي صلى الله عليه وسلم كتاب يملي عليهم، لأنه لم يتعلم الكتابة، وحراس اتخذهم، حتى أوحي إليه: (والله يعصمك من الناس) فتركهم، ومؤذنون، وسيافون، ورسل، وشعراء، وخطباء، وخدم، وخيل وبغال وإبل، وسلاح كثير من سيوف ودروع وقسي ورماح وغيرها. وكان عدد صحابته يوم توفي (..., 124) (1).
* (محمد بن أبي بكر) * (10 - 38 ه = 632 - 658 م) محمد بن عبد الله (أبي بكر) بن