الذريعة - آقا بزرگ الطهراني - ج ١٣ - الصفحة ١٧
شعراء الفرس وأخلدهم، ولد سنة 323 ه‍. وتوفي سنة 411 ه‍. وهو من قرية وزان من قرى طوس، وكان من تلاميذ الشاعر الحكيم أبي منصور (أبي نصير خ ل) علي بن أحمد الأسدي الطوسي، والشاهنامة نظم لطيف تضمن تواريخ سلاطين الفرس من أول زمان كيومرث إلى زمان يزدجرد بن شهريار، ولم تقتصر على ذلك بل احتوت على كثير من الحكم والمواعظ والنصائح والترغيب والفلسفة والأخلاق والغزل والأمثال، وغير ذلك من فنون الشعر وأبوابه.
وهي عند الفرس كالالياذة عند اليونان، فهم يعتبرونها من كنوز اللغة الفارسية وذخائرها، وقد جاء في كتاب (سخن وسخنوران) الفارسي ما ترجمته: ان ربعها من الشعر العالي، وربعها من الشعر الجيد، ونصفها من الشعر المتوسط، وانها من خزائن الفصاحة واللغة، وهي دليل قوي على سعة معرفة الفردوسي وقوة تفكيره، وقدرته العجيبة على النظم وتمكنه من إخضاع أصعب القوافي، فان استقامته في النظم دليل ثابت على قدرته البيانية وتمكنه من التعبير عما يخالجه، فقد ضمن العبارات السهلة معان صعبة ومادة غزيرة.
والحقيقة ان هذه الملحمة الكبيرة والسفر التأريخي الخالد من جلائل الآثار ومهامها فهي كتاب تأريخ اشتمل على ذكر ملوك إيران وأبطالها وحوادثها وحروبها وقصصها وقضاياها وآدابها وأخلاقها وما هنالك، وديوان أدب احتوى على أغلب الفنون وأظرفها وجمع أطراف معظم المواضيع والعلوم والمعارف، وقد أجمعت آراء علماء الشرق والغرب من النقاد على أنها من الأدب العالي والشعر السامي، ولم يتعرض لها بالنقد أحد غير (المستر براون) فقد قال في كتابه (تأريخ أدبيات إيران) ما ترجمته:
انها ليست في المستوى العظيم من الشعر. مع أنه لم يجحد مكانتها في اللغة والتأريخ والأدب، ويعتبر هذا الرأي شذوذا وخروجا على إجماع النقاد على تباين أذواقهم ونزعاتهم، فقد أسلفنا أنهم أجمعوا على تقديرها والثناء عليها.
انه ليس من السهل على شاعر لا يكتفي بسرد الحوادث بل يحرص على الإشارة
(١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 ... » »»