لما كان محتاجا إلى تكميل نفسه البشرية والتكميل لا يتم الا بالعلم بحقائق الأشياء وبالعلم بكتاب الله وسنة رسوله وجب تعلم تلك العلوم وما هو كالوسيلة إليها ولزمه أولا العلم بأنواع العلوم ليتبين منها هذا الغرض ثم العلم باصناف الكتب في نفسها ومرتبتها ليكون على بصيرة من امره ويقايس بين العلوم والكتب فيعلم أفضلها واوثقها ويعلم حال العالم به وحال من يدعى علما من العلوم ويكشف دعواه بأنه هل يخبر خبرا تفضيليا عن موضوع ذلك العلم وغايته ومرتبته فيحسن الظن به فيما ادعاه ويعلم حال المصنفات أيضا ومراتبها وجلالة قدرها والتفاوت فيما بينها وكثرتها وفيه ارشاد إلى تحصيلها وتعريف له بما يعتمده منها وتحذيره مما يخاف من الاغترار به ويعلم حال المؤلفين ووفياتهم واعصارهم ولوا اجمالا فلا يقصر بالعالي في الجلالة عن درجته ولا يرفع غيره عن مرتبته ويستفاد منه تشويق النفوس الزكية إلى الكمالات الانسانية وتحريكها إلى حسن الاقتداء والاقتفاء بامرار النظر إلى آثار الأولين والآخرين والفكر في اخبارهم ولا يخفى ان الطباع جبلت على مشاهدة الآثار وتلقى الاخبار سيما الجديدة منها فلا يمل حينئذ عين من نظر واذن من خبر نسأل الله العفو والعافية تاليا لنعمة الاسلام والعافية وهو حسبي ونعم الوكيل والهادي إلى سواء السبيل انه مجيب قريب عليه توكلت واليه أنيب:.
(٥٨)