الإصابة - ابن حجر - ج ١ - الصفحة ٧٥
القول وزورا، ولا باس إن نذكر لك شيئا منها مع الرد عليها بايجاز فنقول:
1 - زعموا إن أبا هريرة إنما أسلم حبا في الدنيا لا رغبه في الذين، وهذه دعوى يكذبها ما كان عليه أبو هريرة من التقشف والانقطاع إلى العلم والعبادة والجهاد في سبيل الله، والتفاني في تبليغ أحاديثه صلى الله عليه وسلم.
2 - وزعموا أن أبا هريرة كان خفيف الوزن في العلم والفقه وهذا محض افتراء على التاريخ والواقع.
قال ابن سعد: كان ابن عباس وابن عمر وأبو سعيد الخدري وأبو هريرة، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وجابر، ورافع بن خديج وسلمة بن الأكوع وابوع وأبو واقد الليثي، وعبد الله بن بحينة مع أشباه لهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يفتون بالمدينة، ويحدثون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من لدن توفى عثمان إلى أن توفوا.
ومعنى هذا أن أبا هريرة مكث يفتي الناس على ملا من الصحابة والتابعين ثلاثة وعشرين عاما.
وقد ذكر ابن القين المفتين من الصحابة، وذكر انهم كانوا بين مكثر منها ومقل ومتوسط، وذكر أبا هريرة في المتوسطين مع أبي بكر الصديق وعثمان بن عفان وأبي سعيد الخدري وأم سلم ء وأبي موسى الأشعري، ومعاذ بن جبل وسعد بن أبي وقاص، وجابر بن عبد الله وغيرهم، فمن زعم أن أبا هريرة غير فقيه فهو العاري عن الفقه.
3 - وزعموا أن عمر استعمل أبا هريرة على " البحرين "، ثم بلغه عنه ما يخل بأمانة الوالي العادل، فعزله واخذ ما بيده من أموال وضربه حتى أدماه، وهذا كلام من لم يميز بين الحق والباطل من أقوال المؤرخين، والرواية التي يقول عليها ان عمر لما استحضر أبا هريرة من " البحرين " قال له: استأثرت بهذه الأموال فمن أين لك؟ قال أبو هريرة: خيل نتجت وأعطيه تتابعت، وخراج رقيق لي، فنظر عمر فوجدها كما قال، ثم دعاه عمر ليستعمله أيضا فأبى، فقال له عمر: لقد طلب العمل من كان خيرا منك، قال أبو هريرة: انه يوسف نبي الله ابن نبي الله، وانا أبو هريرة بن أميمة، ومن ذلك يتبين ان عمر حاسبه على ما بيده من مال كما حاسب غيره من العمال - فوجد الامر كما قال، فعرض عليه ان يوليه ثانية فأبى، وهذا من عمر يدل على وثوقه بابي هريرة، وانه كان لديه أمينا حق امين.
4 - وزعموا أنه كان في الفتنة يصلي خلف علي، ويأكل مع معاوية، فإذا حمي
(٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 ... » »»