المبذول فيه، والاستقصاء الفريد الذي قام به ابن حجر وقال السيوطي عندما ذكر " الإصابة ":
" كتاب حافل، وقد اختصرته ولله الحمد "، وسماه حاجي خليفة: " عين الإصابة ".
وقيل وقبل أن يشرع بأبواب الكتاب التي تضم باب الأسماء وباب الكنى، وباب النساء، وباب كنى النساء ذكر ثلاثة فصول مهمة تمس الحاجة إليها بمثل تصنيفه وتقع الفصول الثلاثة في ثماني صفحات، خصص الفصل الأول منها لتعريف الصحابي، وبين أصح ما وقف عليه من ذلك وهو أن الصحابي " من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنا به ومات على الاسلام ".
وشرح هذا التعريف بصفحتين ونصف شرحا وافيا جاء فيه على جميع الملابسات المحتملة من حيث لقيا النبي صلى الله عليه وسلم أو الرواية عنه أو عدمها، ومن لقيه كافرا ولو أسلم بعد ذلك؟ والايمان به من الجن والإنس وماذا بشأن الملائكة؟ أو الذي لقيه مؤمنا ثم ارتد ثم عاد إلى الاسلام كما ناقش الاحتمالات الأخرى إلى أن قال: " وهذا التعريف مبني على الأصح المختار عند المحققين كالبخاري وشيخه أحمد بن حنبل ومن تبعهما ووراء ذلك أقوال أخرى شاذة ". كما أشار إلى تعريفات أخرى.
ثم بين ما جاء عن الأئمة من الأقوال المجملة في الصفة التي يعرف بها كون الرجل صحابيا، وإن لم يرد التنصيص على ذلك، وهي ثلاثة آثار:
1 - أنهم كانوا في الفتوح لا يؤمرون إلا الصحابة وقد استدل ابن حجر بهذا الرأي في أكثر من أربعين موضعا على أنه قال في موضع:: " كانوا لا يؤمرون في زمن الفتح إلا من كان صحابيا، لكن إنما فعلوا ذلك في فتوح " العراق " فلذلك أذكر أمثال هذا في هذا القسم " وهو الثالث ".
2 - لم يبق بمكة ولا الطائف أحد في سنة عشر إلا أسلم وشهد مع النبي صلى الله عليه وسلم حجة الوداع واستدل ابن حجر بهذا الرأي في أكثر من سنة وثلاثين موضعا، وقال في موضع:
" وقد ذكرنا غير مرة أن من كان في عصر أبي بكر وعمر رجلا وهو من قريش فهو على شرط الصحبة، لأنه لم يبق بعد " حجة الوداع " منهم أحدا على الشرك وشهدوا " حجة الوداع " مع النبي جميعا ".
وقال في موضع آخر: " ولم يبق بمكة بعد الفتح قرشي كافرا كما مر، بل شهدوا " حجة الوداع " كلهم مع النبي صلى الله عليه وسلم كما صرح به ابن عبد البر ".
وقال في موضع آخر: " وقد ذكرنا غير مرة أنه لم يبق من قريش وثقيف ممن كان بمكة والطائف في " حجة الوداع " أحدا إلا أسلم وشهدا ".