سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٢٣ - الصفحة ٣٨٠
أو استكثارا، فإنه شرط أن تكون له دمشق وشطر مصر وأشياء.
ومن حسنات الناصر أن عمه أعطى الفرنج القدس فعمروا لهم قلعة فجاء الناصر ونصب عليها المجانيق وأخذها بالأمان وهد القلعة، ونظف البلد من الفرنج.
ثم إن الملك الصالح أساء إلى الناصر وجهز عسكرا فشعثوا بلاده، وأخذوا منها، ولم يزل يناكده وما بقى له سوى الكرك، ثم حاصره في سنة 644 فخر الدين ابن الشيخ أياما وترحل، وقل ما بيد الناصر، ونقد رسوله الخسروشاهي من عنده إلى الصالح، ومعه ابنه الأمجد أن يعطيه خبزا بمصر ويتسلم الكرك فأجابه، ومرض، فانثنى عزم الناصر، وضاق الناصر بكلف السلطنة فاستناب ابنه عيسى بالكرك، وأخذ معه جواهر وذخائر، فأكرمه صاحب حلب، ثم سار إلى بغداد فأودع تلك النفائس عند المستعصم وهي بنحو من مئة ألف دينار، فلم يصل إلى شئ منها (1). وبعد تألم الأمجد وأخوه الظاهر لكون أبيهما استناب عليهما المعظم عيسى مع كونه ابن جارية، وهما فأمهما بنت الكامل، وكانت أمهما محسنة إلى الملك الصالح أيام اعتقاله بالكرك، لأنه أخوها، فكان هذان يحبانه، ويأنس بهما، فاتفقا مع أمهما على القبض على المعظم، ففعلا، واستوليا على الكرك، وسار الأمجد بمفاتيحها إلى الصالح، وتوثق منه فأعطاه خبزا بمصر، وتحول إلى باب الصالح بنو الناصر فأقطعهم، وعظم هذا على الناصر لما سمع به فاغتم الصالح أن مات، وانضم الناصر إلى الناصر (2) لما تسلطن بالشام، فتمرض السلطان، فبلغه أن داود تكلم في أمر الملك فحبسه بحمص مدة، ثم جاءت

(1) حيث لم يعطها له الخليفة، فلم يكن أمينا على الأمانة، والقصة مشهورة.
(2) صاحب حلب، وقد مرت ترجمته.
(٣٨٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 373 374 375 376 377 378 379 380 381 382 383 » »»