وأسلم على يده جماعة. وزار بخرتنك قبر البخاري وجدد قبته وعلق عليها الستور والقناديل، فسأله أهل سمرقند أن يقيم عندهم، فأقام أياما ورجع إلى بخارى، وأسلم على يده أمير وصار بوابا للشيخ، فسماه الشيخ مؤمنا.
وعرف الشيخ بين التتار بالغ شيخ، يعني الشيخ الكبير، وبذلك كان يعرفه هولاكو، وقد بعث إليه بركة (1) بن توشي بن جنكزخان من سقسين رسولا ليأخذ له العهد بالاسلام، وكان أخوه باتوا كافرا ظلوما قد استولى على بلاد سقسين وبلغار وصقلاب وقفجاق إلى الدربند، وكان لبركة أخ أصغر منه يقال له: بركة حر، وكان باتوا مع كفره يحب الشيخ، فلما عرف أن أخاه بركة خان قصد صار مريدا للشيخ فرح فاستأذنه في زيارة الشيخ فأذن له، فسار من بلغار إلى جند ثم إلى أترار، ثم أتى بخارى، فجاء بعد العشاء في الثلوج فما استأذن إلى بكرة، فحكى لي من لا يشك في قوله أن بركة خان قام تلك الليلة على الباب حتى أصبح، وكان يصلي في أثناء ذلك، ثم دخل فقبل رجل الشيخ، وصلى تحية البقعة فاعجب الشيخ ذلك، وأسلم جماعة من أمرائه، وأخذ الشيخ عليهم العهد، وكتب له الأوراد والدعوات، وأمره بالرجوع، فلم تطب نفسه، فقال: إنك قصدتنا ومعك خلق كثير، وما يعجبني أن تأمرهم بالانصراف، لاني أشتهي أن تكون في سلطانك. وكان عنده ستون (2) زوجة فأمره باتخاذ أربع وفراق الباقيات ففعل، ورجع، وأظهر شعار الملة، وأسلم معه جماعة، وأخذوا في تعليم الفرض، وارتحل إليه الأئمة، ثم كانت بينه وبين ابن عمه هولاكو حروب، ومات بركة خان في ربيع الآخر سنة خمس وستين، وكانت خيراته متواصلة إلى أكثر العلماء.