سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٢٣ - الصفحة ٣٦٥
بالخروج من خوارزم إلى خراسان منهم سعد الدين، وآخى بين الباخرزي وسعد الدين، وقال للباخرزي: اذهب إلى ما وراء النهر. وفي تلك الأيام هرب خوارزم شاه، فقدم سيف الدين بخارى وقد احترقت وما بها موضع ينزل به، فتكلم بها، وتجمع إليه الناس، فقرأ لهم البخاري على جمال الدين عبيد الله بن إبراهيم المحبوبي سنة اثنتين وعشرين وست مئة، ثم أقام، ووعظ وفسر، ولما غمرت بخارى أخذوا في حسده وتكلموا في اعتقاده، وكان يصلي صلاة التسبيح جماعة ويحضر السماع. ولما جاء محمود يلواج بخارى ليضع القلان، وهو أن يعد الناس ويأخذ من الرأس دينارا والعشر من التجارة، فدخل على سيف الدين فرأى وجهه يشرق كالقمر، وكان الشيخ جميلا بحيث إن نجم الدين الكبرى أمره لما أتاه أن ينتقب لئلا يفتتن به الناس، فأحب يلواج الشيخ ووضع بين يديه ألف دينار، فما التفت إليها. ثم خرج ببخارى التارابي وحشد وجمع فالتقى المغل وأوهم أنه يستحضر الجن، ولم يكن مع جمعه سلاح فاغتروا بقوله، فقتلت المغل في ساعة سبعة آلاف منهم أولهم التارابي، فأوهم خواصه أنه قد طار، وما نجا إلا من تشفع بالباخرزي، لكن وسمتهم التتار بالكي على جباههم.
إلى أن قال: ووقع خوف الباخرزي في قلوب الكفار، فلم يخالفه أحد في شئ يريده، وكان بايقوا (1) أخو قآن ظالما غاشما سفاكا، قتل أهل ترمذ حتى الدواب والطيور والتحق به كل مفسد، فشغبوه على الباخرزي، وقالوا: ما جاء إليك، وهو يريد أن يصير خليفة. فطلبه إلى سمرقند مقيدا، فقال: اني سأرى بعد هذا الذل عزا، فلما قرب مات بايقوا، فأطلقوا الشيخ

(1) هذا وأمثاله أسماء تترية تكتب بأشكال مختلفة، وقد حافظنا على رسم المخطوطة جهد المستطاع.
(٣٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 360 361 362 363 364 365 366 367 368 369 370 ... » »»