قال تلميذه أبو جعفر ابن الزبير: ولد في خامس رمضان سنة إحدى وسبعين وخمس مئة، وأخذ عن أبي محمد بن عبيد الله الحجري ولازمه، فتلا عليه ختمة بالسبع، وأخذ القراءات أيضا عن أبي بكر يحيى بن محمد الهوزني في ختمات، والمقرئ محمد بن حسن بن الكماد، إلا أنه اعتمد على ابن عبيد الله لعلو سنده، وقرأ عليه " الموطأ " وسمع عليه الكتب الخمسة سوى يسير من آخر كتاب مسلم، وسمع منه أيضا " مسند أبي بكر البزار الكبير " و " السير " (1) تهذيب ابن هشام. وحمل عن أبي عبد الله بن غازي السبتي، وأبي ذر الخشني، وأيوب بن عبد الله الفهري، وعدة. وقرأ على أبيه أشياء، وتلا عليه بالسبع، ولازم بفاس الأصولي أبا عبد الله محمد ابن علي الفندلاوي الكتاني، وتفقه عنده في علم الكلام وفي أصول الفقه وعلى جماعة بفاس، وسمع بها من عبد الرحيم بن الملجوم، ولازم في العربية ابن خروف، وأبا عمرو مرجى المرجيقي، وأبا الحسن بن عاشر الخزاعي، وأجاز له أبو القاسم بن حبيش، وأبو زيد السهيلي، وأبو عبد الله ابن الفخار، ونجبة بن يحيى، وعدة. وكان آخر من حدث عن ابن عبيد الله، وآخر من أسند عنه السبع تلاوة بالأندلس وبالعدوة.
إلى أن قال: وكان ثقة، متحريا، ضابطا عارفا بالأسانيد، والرجال والطرق، بقية صالحة وذخيرة نافعة، رحلت إليه فقرأت عليه كثيرا، وتلوت عليه، وكان منافرا لأهل البدع والأهواء، معروفا بذلك، حسن النية، من أهل المروءة والفضل التام والدين القويم، منصفا، متواضعا، حسن الظن بالمسلمين، محبا في الحديث وأهله، كان يجلس لنا بمالقة نهاره كله إلا القليل، وكنت أتلو عليه في الليل لاستغراق نهاره، وكان شديد التيقظ