سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٢٣ - الصفحة ٢٦٠
ابن عات، وخلق من أهل المشرق.
قال: وكان ضابطا متقنا، ومفيدا حافلا، بارع الخط، حسن الوراقة، عارفا بالأسانيد والطرق والرجال وطبقاتهم، مقدما عارفا بالقراءات، مشاركا في علوم العربية والفقه والأصول، كاتبا نبيلا، مجموعا فاضلا متخلقا، ثقة عدلا، كتب بخطه كثيرا وأمهات (1)، وأوضح كثيرا من كتاب " مشارق الأنوار " لعياض، وجمع عليه أصولا حافلة وأمهات هائلة من أغربة وكتب اللغات، وعكف على ذلك مدة، وبالغ في البحث والتفتيش، حتى تخلص الكتاب على أتم وجه، وبرزت محاسنه، ثم يبالغ ابن الزبير في مدح هذا الكتاب.
روى عنه أبو عبد الله الطنجالي، وحميد القرطبي، والكاتب أبو الحسن بن فرج، وأبو إسحاق البلفيقي، اختلفت إليه (2) في مرضه، وحضرت معه في بعض تصرفاته، وانتفعت به الا أنني لم آخذ عنه بقراءة ولا بغير ذلك تقريطا مني.
توفي في ثالث (3) شوال سنة خمس وأربعين وست مئة، وكان (4) جنازته من أحفل جنازة شاهدتها، ووصى أن لا يقرأ على قبره ولا يبنى عليه، وكان ممن وضع الله لو ودا في قلوب عباده، معظما عند جميع الناس خصوصا في غير بلده، ولقد كان من أشد الناس غيرة على السنة وأهلها وأبغضهم في أهل الأهواء والبدع.

(1) يعني: من الكتب الأمهات الكبيرة.
(2) الكلام لابن الزبير.
(3) ذكر المراكشي في الذيل والتكملة انه توفي بغرناطة في أول شوال.
(4) هكذا في الأصل.
(٢٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 255 256 257 258 259 260 261 262 263 264 265 ... » »»