عارفا بالجرح والتعديل، ذاكرا للمواليد والوفيات، يتقدم أهل زمانه في ذلك، وفي حفظ أسماء الرجال، خصوصا من تأخر زمانه وعاصره، وكتب الكثير وكان خطه لا نظير له في الاتقان والضبط، مع الاستبحار في الأدب والاشتهار بالبلاغة، فردا في إنشاء الرسائل، مجيدا في النظم، خطيبا، فصيحا، مفوها، مدركا، حسن السرد والمساق لما يقوله، مع الشارة الأنيقة، والزي الحسن، وهو كان المتكلم عن الملوك في المجالس، والمبين عنهم لما يريدونه على المنبر في المحافل. ولي خطابة بلنسية في أوقات، وله تصانيف مفيدة في فنون عديدة، ألف كتاب " الاكتفا في مغازي المصطفى والثلاثة الخلفا " وهو في أربع مجلدات، وله كتاب حافل في معرفة الصحابة والتابعين لم يكمله، وكتاب " مصباح الظلم " يشبه كتاب " الشهاب "، وكتاب " أخبار البخاري " وكتاب " الأربعين " وغير ذلك.
وإليه كانت الرحلة للاخذ عنه.
إلى أن قال (1): انتفعت به في الحديث كل الانتفاع، وأخذت عنه كثيرا.
قلت: روى عنه ابن الأبار، والقاضي أبو العباس ابن الغماز (2)، وطائفة من المشايخ لا أعرفهم. ورأيت له إجازة كتبها الكمال بن شاذي الفاضلي وطولها، وذكر شيوخه وما روى عنهم، منهم: عبد الرحمن بن مغاور، حدثه عن أبي علي بن سكرة، وأجاز له من الإسكندرية أبو الطاهر بن عوف الزهري، والقاضي أبو عبد الله ابن الحضرمي.