حسن السيرة، كبير القدر، رحل إلى حلب، وتفقه بها على المحدث الفقيه أبي الحسن المرادي، وولي القضاء بدمشق، نيابة عن أبي سعد بن أبي عصرون، ثم إنه ولي قضاء القضاة استقلالا في سنة اثنتي عشرة وست مئة.
قال ابن نقطة (1): هو أسند شيخ لقينا من أهل دمشق، حسن الانصات، صحيح السماع.
وقال أبو شامة (2): دخل به أبوه من حرستا، فنزل بباب توما يؤم بمسجد الزينبي، ثم أم فيه ابنه جمال الدين، ثم انتقل جمال الدين فسكن بداره بالحويرة، وكان يلازم الجماعة بمقصورة الخضر، ويحدث هناك، ويجتمع خلق، مع حسن سمته، وسكونه، وهيبته. حدثني الشيخ عز الدين بن عبد السلام أنه لم ير أفقه منه، وعليه كان ابتداء اشتغاله، ثم صحب فخر الدين ابن عساكر، فسألته عنهما فرجح ابن الحرستاني، وكان حفظ " الوسيط " للغزالي.
ثم قال أبو شامة: ولما ولي محيي الدين القضاء لم ينب ابن الحرستاني عنه، وبقي إلى أن ولاه العادل القضاء، وعزل الطاهر، وأخذ منه العزيزية، والتقوية، فأعطى العزيزية ابن الحرستاني مع القضاء، وأقبل عليه العادل، وكان يحكم بالمجاهدية، وناب عنه ولده العماد، ثم ابن الشيرازي، وشمس الدين ابن سني الدولة، وبقي سنتين وسبعة أشهر، ومات، وكانت له جنازة عظيمة، وقد امتنع من القضاء، فألحوا عليه، وكان صارما عادلا على طريقة السلف في لباسه وعفته.