سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٢٢ - الصفحة ٤٣
وأقدم شيخ له أبو الفهم بن أبي العجائز.
قال ابن النجار: سمعنا منه وبقراءته كثيرا، وكتب كثيرا، وحصل الأصول واستنسخ، وكان يعيرني الأصول ويفيدني ويتفضل إذا زرته، وكان من أئمة المسلمين حافظا للحديث متنا وإسنادا، عارفا بمعانيه وغريبه، متقنا للأسماء مع ثقة وعدالة، وأمانة وديانة، وكيس وتودد، ومساعدة للغرباء.
وقال الشيخ الضياء: كان حافظا فقيها ذا فنون، وكان أحسن الناس قراءة وأسرعها، وكان غزير الدمعة عند القراءة، ثقة متقنا سمحا جوادا.
قلت: وارتحل بأخيه أبي موسى، فسمعا بأصبهان من مسعود الجمال، وعبد الرحيم بن محمد الكاغدي، وأبي المكارم اللبان، وعدة.
وقال الضياء: سافر العز مع عمه الشيخ العماد، وأقام ببغداد عشر سنين، فاشتغل بالفقه والنحو والخلاف، وكان يقرأ للناس الحديث كل ليلة جمعة بمسجد دار بطيخ، ثم انتقل إلى الجامع، إلى موضع أبيه، فكان يقرأ يوم الجمعة بعد الصلاة. وطلب إلى الملك المعظم، فقرأ له في " المسند " على حنبل (1) وأحبه، وخلع عليه. وهو الذي أذن له في المجلس بالجامع، وطلب منه مكانا للحنابلة بالقدس، فأعطاه مهد عيسى، وكان يسارع إلى الخير، وإلى مصالح الجماعة، وكان لا يكاد بيته يخلو من الضيوف.
ثم سرد له الشيخ الضياء عدة منامات رؤيت له تدل على فوزه.
وقد رثاه الشيخ موفق الدين.
ومات في تاسع عشر شوال سنة ثلاث عشرة وست مئة.

(1) حنبل بن عبد الله الواسطي ثم البغدادي الرصافي المكبر المتوفى سنة 604.
(٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 ... » »»