سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٢٢ - الصفحة ١٨٨
حتى كانت تسمى نظامية الشام. ثم درس بالعذراوية سنة 593 وماتت الست عذراء، وبها دفنت، وهي أخت الأمير عز الدين فروخشاه.
وكان فخر الدين لا يمل الشخص من النظر إليه لحسن سمته، ونور وجهه، ولطفه واقتصاده في ملبسه، وكان لا يفتر من الذكر، وكان يسمع الحديث تحت النسر (1).
قال أبو شامة (2): أخذت عنه مسائل، وبعث إليه المعظم ليوليه القضاء فأبى، وطلبه ليلا فجاءه فتلقاه وأجلسه إلى جنبه، فأحضر الطعام فامتنع، وألح عليه في القضاء، فقال: أستخير الله، فأخبرني من كان معه، قال:
ورجع ودخل بيته الصغير عند محراب الصحابة، وكان أكثر النهار فيه، فلما أصبح أتوه فأصر على الامتناع، وأشار بابن الحرستاني فولي، وكان قد خاف أن يكره فجهز أهله للسفر، وخرجت المحابر (3) إلى ناحية حلب، فردها العادل، وعز عليه ما جرى.
قال: وكان يتورع من المرور في زقاق الحنابلة لئلا يأثموا بالوقيعة فيه، وذلك لان عوامهم يبغضون بني عساكر للتمشعر (4)، ولم يوله المعظم تدريس العادلية لأنه أنكر عليه تضمين الخمر والمكس، ثم لما حج أخذ منه التقوية وصلاحية القدس، ولم يبق له سوى الجاروخية.
وقال أبو المظفر الجوزي (5): كان زاهدا، عابدا، ورعا، منقطعا إلى

(1) يعني قبة النسر من جامع دمشق الأموي.
(2) ذيل الروضتين: 138.
(3) يعني: أهل المحابر، وهم طلبة العلم الذين يستملون.
(4) أي بسبب كونهم أشاعرة، وهذا من اصطلاح الذهبي، وإلا فإن أبا شامة قال: " لانهم كانوا أعيان الشافعية الأشعرية ".
(5) المرآة: 8 / 631.
(١٨٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 ... » »»