سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٢٢ - الصفحة ١٢١
مولده بالقصر من القاهرة في سنة ست وسبعين وخمس مئة.
ونشأ بدمشق، وحفظ القرآن، وبرع في المذهب، وعني " بالجامع الكبير "، وصنف له شرحا كبيرا بمعاونة غيره، ولازم التاج الكندي، وتردد إليه إلى درب العجم من القلعة، وتحت إبطه الكتاب، فأخذ عنه " كتاب سيبويه "، وكتاب " الحجة في القراءات "، و " الحماسة "، وحفظ عليه " الايضاح "، وسمع " مسند الإمام أحمد بن حنبل " وله " ديوان شعر " سمعه منه القوصي فيما زعم. وله مصنف في العروض، وكان ربما لا يقيم الوزن، وكان يتعصب لمذهبه، قد جعل لمن عرض " المفصل " مئة دينار صورية ولمن عرض " الجامع الكبير " مئتي دينار (1).
وحج في سنة إحدى عشرة، وأنشأ البرك، وعمل بمعان دار مضيف وحماما. وكان يبحث ويناظر، وفيه دهاء وحزم، وكان يوصف بالشجاعة والكرم والتواضع، ساق مرة إلى الإسكندرية في ثمانية أيام على فرس واحد، واعد القصاد وأصحاب الاخبار، وكان على كتفه الفرنج، فكان يظلم، ويدير ضمان الخمر ليستخدم بذلك، وكان يركب وحده مرارا ثم يلحقه مماليكه يتطاردون، وكان يصلي الجمعة في تربة عمه صلاح الدين، ثم يمشي منها يزور قبر أبيه.
قرأت بخط الضياء الحافظ: كان المعظم شجاعا فقيها يشرب المسكر، وأسس ظلما كثيرا، وخرب بيت المقدس.
وقال ابن الأثير (2): وكان عالما بعدة علوم، نفق سوق العلم في أيامه،

(1) هذا ليس من التعصب، بل هو من الاحترام والتقدير.
(2) الكامل: 12 / 195.
(١٢١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 ... » »»