سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٢١ - الصفحة ٤٢
ولقد كان يوما في مجلسه، وجاءته فتوى في أمر عثمان - رضي الله عنه -، فأخذها، وكتب فيها من حفظه، ونحن جلوس، درجا طويلا، ذكر فيه نسبه، ومولده، ووفاته، وأولاده، وما قيل فيه، إلى غير ذلك.
وله التصانيف في الحديث، وفي الزهد والرقائق، وقد صنف كتاب (زاد المسافر) في خمسين مجلدا، وكان إماما في الحديث وعلومه.
وحصل من القراءات ما إنه صنف فيها العشرة (1) والمفردات، وصنف في الوقف والابتداء، وفي التجويد، وكتابا في ماءات القرآن، وفي العدد، وكتابا في معرفة القراء في نحو من عشرين مجلدا، استحسنت تصانيفه، وكتبت، ونقلت إلى خوارزم وإلى الشام، وبرع عنده جماعة كثيرة في القراءات. وكان إذا جرى ذكر القراء يقول: فلان مات عام كذا وكذا، ومات فلان في سنة كذا وكذا، وفلان يعلو إسناده على فلان بكذا.
وكان عالما إماما في النحو واللغة. سمعت أن من جملة ما حفظ كتاب (الجمهرة). وخرج له تلامذة في العربية أئمة يقرؤون بهمذان، وبعض أصحابه رأيته، فكان من محفوظاته كتاب (الغريبين) لأبي عبيد الهروي، إلى أن قال: وكان مهينا للمال، باع جميع ما ورثه، وكان من أبناء التجار، فأنفقه في طلب العلم، حتى سافر إلى بغداد وإلى أصبهان مرات ماشيا يحمل كتبه على ظهره، سمعته يقول: كنت أبيت ببغداد في المساجد، وآكل خبز الدخن.
قال: وسمعت أبا الفضل بن بنيمان الأديب يقول: رأيت أبا العلاء العطار في مسجد من مساجد بغداد يكتب وهو قائم، لان السراج كان عاليا،

(1) يريد بها القراءات العشر.
(٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 ... » »»