سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٢١ - الصفحة ٢٨١
وسار عسكر لابن أخيه تقي الدين عمر فأخذوا أوائل المغرب، وخطبوا بها لبني العباس.
ثم إن الفرنج قامت قيامتهم على بيت المقدس، وأقبلوا كقطع الليل المظلم برا وبحرا وأحاطوا بعكا ليستردوها وطال حصارهم لها، وبنوا على نفوسهم خندقا، فأحاط بهم السلطان، ودام الحصار لهم وعليهم نيفا وعشرين شهرا، وجرى في غضون ذلك ملاحم وحروب تشيب النواصي، وما فكوا حتى أخذوها، وجرت لهم وللسلطان حروب وسير. وعندما ضرس الفريقان، وكل الحزبان، تهادن الملتان.
وكانت له همة في إقامة الجهاد، وإبادة الأضداد ما سمع بمثلها لاحد في دهر.
قال ابن واصل في حصار عزاز (1): كانت لجاولي خيمة كان السلطان يحضر فيها، ويحض الرجال، فحضر باطنية في زي الأجناد، فقفز عليه واحد ضربه بسكين لولا المغفر الزرد (2) الذي تحت القلنسوة، لقتله فأمسك السلطان يد الباطني بيديه، فبقي يضرب في عنق السلطان ضربا ضعيفا، والزرد تمنع، وبادر الأمير بازكوج، فأمسك السكين، فجرحته، وما سيبها الباطني حتى بضعوه، ووثب آخر، فوثب عليه ابن منكلان، فجرحه الباطني في جنبه، فمات، وقتل الباطني، وقفز ثالث، فأمسكه الأمير علي بن أبي الفوارس، فضمه تحت إبطه (3)، فطعنه صاحب حمص (4)، فقتله،

(1) (مفرج الكروب): 2 / 44 - 45.
(2) زرد ينسج من الدروع على قدر الرأس يلبس تحت القلنسوة.
(3) في (مفرج الكروب): من تحت إبطيه.
(4) يعني ناصر الدين ابن أسد الدين شيركوه.
(٢٨١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 286 ... » »»