وكان بارعا في الخلاف والنظر، بصيرا بالقواعد، ذكيا، يقظا، لبيبا، عذب العبارة، وجيها، معظما، كثير التلامذة، ارتحل إلى ابن يحيى (1) صاحب الغزالي مرتين، ووقع في السفر، فانكسر ذراعه، وصارت كفخذه، ثم أدته الضرورة إلى قطعها من المرفق، وعمل محضرا بأنها لم تقطع في ريبة. فلما ناظر المجير مرة، وكان كثيرا ما ينقطع في يد المجير، فقال: يسافر أحدهم في قطع الطريق، ويدعي أنه كان يشتغل، فأخرج ابن فضلان المحضر، وأخذ يشنع على المجير بالفلسفة.
وكان ابن فضلان ظريف المناظرة، ذا نغمات موزونة، يشير بيده بوزن مطرب أنيق، يقف على أواخر الكلم خوفا من اللحن. قاله الموفق عبد اللطيف، ثم قال: وكان يداعبني كثيرا، ثم رمي بالفالج في أواخر عمره رحمه الله.
قلت: وتفقه ببغداد على أبي منصور الرزاز، وتخرج به أئمة، وسمع بخراسان من أبي الأسعد القشيري، وعمر بن أحمد ابن الصفار.
درس بمدرسة دار الذهب، وقد تلا بالروايات على محمد ابن العالمة، وكان على دروسه إخبات وجلالة.
مات في شعبان سنة خمس وتسعين وخمس مئة.
134 - ابن كليب * الشيخ الجليل الأمين، مسند العصر، أبو الفرج، عبد المنعم بن