سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٢١ - الصفحة ٢٥٨
وكان بارعا في الخلاف والنظر، بصيرا بالقواعد، ذكيا، يقظا، لبيبا، عذب العبارة، وجيها، معظما، كثير التلامذة، ارتحل إلى ابن يحيى (1) صاحب الغزالي مرتين، ووقع في السفر، فانكسر ذراعه، وصارت كفخذه، ثم أدته الضرورة إلى قطعها من المرفق، وعمل محضرا بأنها لم تقطع في ريبة. فلما ناظر المجير مرة، وكان كثيرا ما ينقطع في يد المجير، فقال: يسافر أحدهم في قطع الطريق، ويدعي أنه كان يشتغل، فأخرج ابن فضلان المحضر، وأخذ يشنع على المجير بالفلسفة.
وكان ابن فضلان ظريف المناظرة، ذا نغمات موزونة، يشير بيده بوزن مطرب أنيق، يقف على أواخر الكلم خوفا من اللحن. قاله الموفق عبد اللطيف، ثم قال: وكان يداعبني كثيرا، ثم رمي بالفالج في أواخر عمره رحمه الله.
قلت: وتفقه ببغداد على أبي منصور الرزاز، وتخرج به أئمة، وسمع بخراسان من أبي الأسعد القشيري، وعمر بن أحمد ابن الصفار.
درس بمدرسة دار الذهب، وقد تلا بالروايات على محمد ابن العالمة، وكان على دروسه إخبات وجلالة.
مات في شعبان سنة خمس وتسعين وخمس مئة.
134 - ابن كليب * الشيخ الجليل الأمين، مسند العصر، أبو الفرج، عبد المنعم بن

(1) يعني محمد بن يحيى النيسابوري صاحب (المحيط) الذي عرفنا به سابقا.
* ترجم له ابن الأثير في الكامل: 12 / 67، وابن نقطة في التقييد، الورقة: 162، وابن الدبيثي في تاريخه، الورقة 158 (باريس 5922)، وابن النجار في التاريخ المجدد، الورقة:
28 (ظاهرية)، والمنذري في التكملة، الترجمة: 523، وأبو شامة في ذيل الروضتين:
18، وابن الساعي في الجامع المختصر: 9 / 26، وابن خلكان في وفياته: 3 / 227، والذهبي في تاريخ الاسلام، الورقة: 93 (باريس 1582)، والعبر: 4 / 293، ودول الاسلام:
2 / 78، وابن كثير في البداية: 13 / 23، والغساني في العسجد، الورقة: 104، والعيني في عقد الجمان: 17 / الورقة: 241، وابن تغري بردي في النجوم: 6 / 159، وابن العماد في الشذرات: 4 / 327.
(٢٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 253 254 255 256 257 258 259 260 261 262 263 ... » »»