وكذا حلفوا له بحلب، فأقبل من مصر صلاح الدين، وأخذ منه دمشق، فترحل إلى حلب، وكان شابا، دينا، خيرا، عاقلا، بديع الجمال، محببا إلى الرعية وإلى الامراء، فنمت فتنة، وجرت بحلب بين السنة والرافضة، فسار السلطان صلاح الدين، وحاصر حلب مديدة، ثم ترحل، ثم حاصرها، فصالحوه، وبذلوا له المعرة وغيرها، ثم نازل حلب ثالثا، فبذل أهلها الجهد في نصرة الصالح، فلما ضجر السلطان، صالحهم، وترحل وأخرجوا إليه بنت نور الدين، فوهبها عزاز (1)، وكان تدبير مملكة حلب إلى أم الصالح وإلى شاذبخت الخادم وابن القيسراني.
تعلل الملك الصالح بقولنج خمسة عشر يوما، وتوفي في رجب سنة سبع وسبعين وخمس مئة وتأسفوا عليه.
قيل: عرض عليه طبيبه خمرا للتداوي، فأبى، وقال: قد قال نبينا صلى الله عليه وسلم: (إن الله لم يجعل شفاء أمتي فيما حرم عليها) (2) ولعلي أموت وهو في جوفي