سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٢١ - الصفحة ١١١
وكذا حلفوا له بحلب، فأقبل من مصر صلاح الدين، وأخذ منه دمشق، فترحل إلى حلب، وكان شابا، دينا، خيرا، عاقلا، بديع الجمال، محببا إلى الرعية وإلى الامراء، فنمت فتنة، وجرت بحلب بين السنة والرافضة، فسار السلطان صلاح الدين، وحاصر حلب مديدة، ثم ترحل، ثم حاصرها، فصالحوه، وبذلوا له المعرة وغيرها، ثم نازل حلب ثالثا، فبذل أهلها الجهد في نصرة الصالح، فلما ضجر السلطان، صالحهم، وترحل وأخرجوا إليه بنت نور الدين، فوهبها عزاز (1)، وكان تدبير مملكة حلب إلى أم الصالح وإلى شاذبخت الخادم وابن القيسراني.
تعلل الملك الصالح بقولنج خمسة عشر يوما، وتوفي في رجب سنة سبع وسبعين وخمس مئة وتأسفوا عليه.
قيل: عرض عليه طبيبه خمرا للتداوي، فأبى، وقال: قد قال نبينا صلى الله عليه وسلم: (إن الله لم يجعل شفاء أمتي فيما حرم عليها) (2) ولعلي أموت وهو في جوفي

(1) بليدة بالقرب من حلب.
(2) قال شعيب: أخرجه البخاري تعليقا 10 / 68 في الطب: باب شراب الحلواء والعسل بلفظ: (إن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم). قال الحافظ: رويت الأثر المذكور في فوائد علي بن حرب الطائي، عن سفيان بن عيينة، عن منصور، عن أبي وائل قال: اشتكى رجل منا يقال له: خثيم بن العداء داء في بطنه يقال له الصفر، فنعت له السكر وهو الخمر فأرسل إلى ابن مسعود يسأله، فذكره وأخرجه ابن أبي شيبة عن جرير عن منصور، وسنده صحيح على شرط الشيخين، وأخرجه أحمد في كتاب (الأشربة) رقم (130)، والطبراني في (الكبير) من طريق أبي وائل نحوه، وأخرج مسلم (1984)، وأبو داود (3873)، والترمذي (2046) من حديث طارق بن سويد الجعفي أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الخمر، فنهاه، أو كره أن يصنعها، فقال: إنما أصنعها للدواء. فقال: (إنه ليس بدواء، ولكنه داء) وأخرج أحمد في (المسند) 4 / 311، وابن ماجة (3500) من حديث طارق بن سويد أيضا قال: قلت: يا رسول الله، إن بأرضنا أعنابا نعتصرها، فنشرب منها. قال: (لا) فراجعته، قلت: (إنا نستشفي للمريض). قال: (إن ذلك ليس بشفاء ولكنه داء).
(١١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 ... » »»