سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٨ - الصفحة ٥٩٦
فكتب أذفونش - لعنه الله - يرعد ويبرق (1)، فأجاب: وصل إلى الملك المظفر من عظيم الروم كتاب مدع في المقادير، يرعد ويبرق، ويجمع تارة ويفرق، ويهدد بالجنود الوافرة، ولم يدر أن لله جنودا أعز بهم الاسلام، وأظهر بهم دين نبينا عليه الصلاة والسلام، يجاهدون في سبيل الله، ولا يخافون لومة لائم، فأما تعييرك للمسلمين فيما وهن من أحوالهم، فبالذنوب المركوبة، والفرق المنكوبة، ولو اتفقت كلمتنا علمت أي صائب أذقناك، كما كانت آباؤك مع آبائنا، وبالأمس كانت قطيعة المنصور على سلفك، أهدى ابنته إليه مع الذخائر التي كانت تفد في كل عام عليه، ونحن فإن قلت أعدادنا، وعدم من المخلوقين استمدادنا، فما بيننا وبينك بحر تخوضه، ولا صعب تروضه، إلا سيوف يشهد بحدها رقاب قومك، وجلاد تبصره في يومك، وبالله وملائكته نتقوى عليك، ليس لنا سواه مطلب، ولا إلى غير مهرب، وهل تربصون بنا إلا إحدى الحسنيين، شهادة، أو نصر عزيز.
ولما توفي المظفر بعد السبعين وأربع مئة (2) أو قبلها، قام في الملك بعده ولده الملقب بالمتوكل على الله أبو حفص عمر (3) بن الأفطس صاحب بطليوس ويابرة (4) وشنترين وأشبونة، فكان نحوا من أبيه في الشجاعة والبراعة والأدب والبلاغة، فبقي إلى أن قتله المرابطون جند

(١) أي يتهدد ويتوعد.
(٢) في " الوافي بالوفيات " ٣ / ٣٢٣، و " تاريخ " ابن خلدون ٤ / ١٦٠ أنه توفي سنة (٤٦٠).
(٣) انظر ترجمته في " المغرب " ١ / ٣٦٤، أعمال الاعلام: ٢١٤، قلائد العقيان:
٣٦، الرايات: ٢٩، الذخيرة ق ٢ / م ٢ / ٦٤٦ - ٦٥٢، الحلة السيراء ٢ / ٩٦ - ١٠٧، فوات الوفيات 3 / 155 - 156، نفح الطيب 1 / 663 - 666، الخريدة 3 / 356.
(4) قال ياقوت: هي بلدة في غربي الأندلس.
(٥٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 591 592 593 594 595 596 597 598 599 600 601 ... » »»