سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٧ - الصفحة ٥٣٤
وقاسوا شدائد، فبالغ صاحب أصبهان علاء الدولة في إكرامه، إلى أن قال خادمه: وكان الشيخ قوي القوى كلها، يسرف في الجماع، فأثر في مزاجه، وأخذ القولنج حتى حقن نفسه في يوم ثمان مرات، فتقرح معاه، وظهر به سحج (1)، ثم حصل له الصرع الذي يتبع علة القولنج، فأمر يوما بدانقين من بزر الكرفس في الحقنة، فوضع طبيبه عمدا أو خطأ زنة خمسة دراهم، فازداد السحج، وتناول مثروذيطوس (2) لأجل الصرع، فكثره غلامه، وزاده أفيون، وكانوا قد خانوه في مال كثير، فتمنوا هلاكه، ثم تصلح، لكنه مع حاله يكثر الجماع، فينتكس، وقصد علاء الدولة همذان، فسار معه الشيخ، فعاودته العلة في الطريق، وسقطت قوته، فأهمل العلاج، وقال: ما كان يدبر بدني عجز، فلا تنفعني المعالجة (3). ومات بهمذان بعد أيام وله ثلاث وخمسون سنة.
قال ابن خلكان (4): ثم اغتسل وتاب، وتصدق بما معه على الفقراء، ورد المظالم، وأعتق مماليكه، وجعل يختم القرآن في كل ثلاث، ثم مات يوم الجمعة في رمضان سنة ثمان وعشرين وأربع مئة.
قال: ومولده في صفر سنة سبعين وثلاث مئة.
قلت: إن صح مولده، فما عاش إلا ثمانيا وأربعين سنة وأشهرا، ودفن عند سور همذان، وقيل: نقل تابوته إلى أصبهان.

(١) أي تقشر.
(٢) في " عيون الانباء ": " المثرود بطوس "، وفي " الوافي ": " المثروديطوس ".
(٣) انظر " وفيات الأعيان " ٢ / ١٥٩، ١٦٠، و " طبقات الأطباء " ٤٤٠ - ٤٤٢، و " الوافي بالوفيات " 12 / 400، 401.
(4) في " وفيات الأعيان " 2 / 160.
(٥٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 529 530 531 532 533 534 535 536 537 538 539 ... » »»