سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٧ - الصفحة ٤٩٣
للكرامية، وكان يشرب النبيذ دائما، وتصرفه على الأخلاق الزكية، وكان فيه شدة وطأة على الرعية، ولكن كانوا في أمن وإقامة سياسة، ولازمه علة نحو ثلاث سنين، كان يعتريه إسهال، ولا يترك الركوب والسفر، قبض وهو في مجلسه ودسته ما وضع جنبه، ولما احتضر، قال لوزيره: يا أبا الحسن:
ذهب شيخكم. ثم مات يوم الخمسين لتسع بقين من ربيع الآخر، فكتم موته، ثم فشى، وأتى ابنه السلطان محمد من الجوزجان، فوصل في أربعين يوما.
كان السلطان محمود ربعة، فيه سمن، تركي العين، فيه شقرة، ولحيته مستديرة، غليظ الصوت، وفي عارضيه شيب. وكان ابنه محمد في قده، وكان ابنه مسعود طويلا.
قال محمود يوما للأمير أبي طاهر الساماني: كم جمع آباؤك من الجوهر؟ قال: سمعت أنه كان عند الأمير الرضي سبعة أرطال. فسجد شكرا، وقال: أنا في خزانتي سبعون رطلا.
وكان صمم على التوغل في بلاد الخانية، وقال: معي أربع مئة فيل مقاتلة ما يثبت لها أحد. فبلغه أن الخانية قالوا: نحن نأخذ ألف ثور تركية، وهي كبار ضخام، فنجعل عليها ألف عجلة، ونملؤها حطبا، فإذا دنت الفيلة، أوقدنا الحطب، فتطلب البقر أمامها، وتلقي النار على الأفيلة وعلى من حولها، فتتم الهزيمة، فأحجم محمود.
وكان يعظم الميمندي كاتبه، لانهم لما نازلوا مدينة بيدا (1)،

(1) قال ابن الأثير في بيدا هذا: وهو أعظم ملوك الهند مملكة، وأكثرهم جيشا، وتسمى مملكته كجوراهة. الكامل " 9 / 308.
(٤٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 488 489 490 491 492 493 494 495 496 497 498 ... » »»