وفي سنة ثمان عشرة سار إلى بلخ، وجهز جيشه إلى ما وراء النهر في نصرة الخانية، وكان علي بن تكين (1) قد أغار على بخارى، فضاق قدرخان به ذرعا، واستنجد محمودا، ففر ابن تكين، ودخل البرية. ثم حارب محمود الغز، وقبض على ابن سلجوق مقدمهم، فثارت الغز، وأفسدوا، وتفرغوا للأذى، وتعبت بهم الرعية، واستحكم الشر، وأقام محمود بنيسابور مدة، ثم في عشرين قصد الري، وأخذها، وقبض على ملكها مجد الدولة بن بويه، وكان ضعيف التدبير، فضرب حتى حمل ألف ألف دينار، وصلب محمود أمراء من الديلم، وجرت قبائح وظلم (2). ثم جهز محمود ولده مسعودا، فاستولى على أصبهان، ثم رجع السلطان إلى غزنة عليلا، فمات في ربيع الأول سنة إحدى، وأمسى وقد فارقته الجنود، وتنكست لحزنه البنود، وناح عليه الوالد والمولود، وسكن ظلمة اللحود.
وقد خطب له بالغور وبخراسان والسند والهند، وناحية خوارزم وبلخ، وهي من خراسان، وبجرجان وطبرستان والري والجبال، وأصبهان وأذربيجان، وهمدان وأرمينية.
وكان مكرما لأمرائه وأصحابه، وإذا نقم عاجل، وكان لا يفتر ولا يكاد يقر. سار مرة في خمسين ألف فارس، وفي مئتي فيل، وأربعين ألف جمازة (3) تحمل ثقل العساكر، وكان يعتقد في الخليفة، ويخضع لجلاله، ويحمل إليه قناطير من الذهب، وكان إلبا على القرامطة والإسماعيلية وعلى المتكلمين، على بدعة فيه فيما قيل، ويغضب