سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٧ - الصفحة ٤٨٥
أدماهم، وشج النضري، وقيدهم وسجنهم، ثم أطلقهم خوف الملامة، ثم تمرض ببلخ، وسار إلى غزنة، فمات سنة سبع وثمانين وثلاث مئة، وعهد بالامرة إلى ابنه إسماعيل، وكان محمود ببلخ، وكان أخوهما نصر على بست، وكان في إسماعيل خلة (1)، فطمع فيه جنده، وشغبوا، فأنفق فيهم خزائن، فدعا محمود عمه، فاتفقا، وأتاهما نصر، فقصدوا غزنة، وحاصروها، وعمل هو وأخوه مصافا مهولا، وقتل خلق، فانهزم إسماعيل، ثم آمن إسماعيل، وحبسه معززا مرفها، ثم حارب محمود النواب السامانية، وخافته الملوك. واستولى على إقليم خراسان، ونفذ إليه القادر بالله خلع السلطنة، ففرض على نفسه كل سنة غز والهند، فافتتح بلادا شاسعة، وكسر الصنم سومنات، الذي كان يعتقد كفرة الهند أنه يحيي ويميت ويحجونه، ويقربون له النفائس، بحيث إن الوقوف عليه بلغت عشرة آلاف قرية، وامتلأت خزائنه من صنوف الأموال، وفي خدمته من البراهمة ألفا نفس، ومئة جوقة مغاني رجال ونساء، فكان بين بلاد الاسلام وبين قلعة هذا الصنم مفازة نحو شهر، فسار السلطان في ثلاثين ألفا، فيسر الله فتح القلعة في ثلاثة أيام، واستولى محمود على أموال لا تحصى، وقيل: كان حجرا شديد الصلابة طوله خمسة أذرع، منزل منه في الأساس نحو ذراعين، فأحرقه السلطان، وأخذ منه قطعة بناها في عتبة باب جامع غزنة، ووجدوا في أذن الصنم نيفا وثلاثين حلقة، كل حلقة يزعمون أنها عبادته ألف سنة (2).

(1) قال ابن خلكان: وكان فيه لين ورخاوة. وقال السبكي: وكان إسماعيل جبانا.
(2) انظر " الكامل " 9 / 130، 131 و 139 و 146 و 148 و 206، 207 و 244 و 342 - 346، و " طبقات " السبكي 5 / 317، 318، و " وفيات الأعيان " 5 / 176 - 179، و " المنتظم " 8 / 52، 53، و " النجوم الزاهرة " 4 / 266 وانظر فيه الحاشية التي كتبها محققه.
(٤٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 480 481 482 483 484 485 486 487 488 489 490 ... » »»