سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٦ - الصفحة ٣٧٢
سنين وأشهرا، ثم قلد قضاء طوس، وكنت أدخل إليه والمصنفات بين يديه، فيحكم ثم يقبل على الكتب، ثم أتى نيسابور سنة خمس وأربعين، ولزم مسجده ومنزله مفيدا مقبلا على العبادة والتصنيف، وأريد غير مرة على القضاء والتزكية فيستعفي. قال: وكف بصره سنة ست وسبعين، ثم توفي وأنا غائب.
وقال الحاكم أيضا: كان أبو أحمد من الصالحين الثابتين على سنن السلف، ومن المنصفين فيما نعتقده في أهل البيت والصحابة. قلد القضاء في أماكن. وصنف على كتابي الشيخين، وعلى جامع أبي عيسى، قال لي: سمعت عمر بن علك، يقول: مات محمد بن إسماعيل ولم يخلف بخراسان مثل أبي عيسى الترمذي في العلم والزهد والورع، بكى حتى عمي، ثم قال الحاكم أبو عبد الله: وصنف أبو أحمد كتاب " العلل "، والمخرج على " كتاب المزني " وكتابا في الشروط، وصنف الشيوخ والأبواب.. إلى أن قال: وهو حافظ عصره بهذه الديار.
وقال أبو عبد الرحمن السلمي: سمعت أبا أحمد، الحافظ يقول:
حضرت مع الشيوخ عند أمير خراسان نوح بن نصر، فقال: من يحفظ منكم حديث أبي بكر في الصدقات (1)؟ فلم يكن فيهم من يحفظه، وكان علي خلقان وأنا في آخر الناس، فقلت لوزيره: أنا أحفظه،

(1) أورده البخاري بطوله في " صحيحه " 3 / 250 و 251، 254 في الزكاة: باب من بلغت عنده صدقة بنت مخاض وليست عنده، وباب زكاة الغنم، من طريق محمد بن عبد الله بن المثنى الأنصاري، حدثني أبي، حدثني ثمامة بن عبد الله بن أنس، عن أنس أن أبا بكر رضي الله عنه كتب له هذا الكتاب لما وجهه إلى البحرين..
وقد تابع عبد الله بن المثنى على حديثه هذا حماد بن سلمة عند أبي داود (1567)، وأحمد (72)، وانظر، " نصب الراية " 2 / 335، 337، و " الجوهر النقي " 4 / 89.
(٣٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 367 368 369 370 371 372 373 374 375 376 377 ... » »»