سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٦ - الصفحة ٣٤٥
الأشعري -، فقال: كنت مرة بالبصرة جالسا مع عمرو بن علوية على ساجة (1) في سفينة نتذاكر في شئ، فإذا بأبي الحسن الأشعري قد عبر وسلم علينا.
وجلس، فقال: عبرت عليكم أمس في الجامع، فرأيتكم تتكلمون في شئ عرفت الألفاظ ولم أعرف المغزى! فأحب أن تعيدوها علي، قلت: في أي شئ كنا؟ قال: في سؤال إبراهيم عليه السلام (رب أرني كيف تحيي الموتى) [البقرة: 260] وسؤال موسى عليه السلام (رب أرني أنظر إليك) [الأعراف: 143] فقلت: نعم. قلنا: إن سؤال إبرهيم هو سؤال موسى، إلا أن سؤال إبراهيم سؤال متمكن، وسؤال موسى سؤال صاحب غلبة وهيجان، فكان تصريحا، وسؤال إبراهيم كان تعريضا، وذلك أنه قال: (أرني كيف تحيى الموتى) فأراه كيفية المحيى، ولم يره كيفية الاحياء، لان الاحياء صفته تعالى، والمحيى قدرته، فأجابه إشارة كما سأله إشارة، إلا أنه قال في الآخر: (أعلم أن الله عزيز) فالعزيز: المنيع. فقال أبو الحسن: هذا كلام صحيح، ثم إني مشيت مع أبي الحسن، وسمعت مناظرته، وتعجبت من حسن مناظرته حين أجابهم.
قال أبو العباس الفسوي، صنف شيخنا ابن خفيف من الكتب ما لم يصنفه أحد، وانتفع به جماعة صاروا أئمة يقتدى بهم، وعمر حتى عم نفعه البلدان.
قال أبو الفتح عبد الرحيم خادم ابن خفيف: سمعت الشيخ يقول:
سألنا يوما أبو العباس ابن سريج بشيراز ونحن نحضر مجلسه للفقه، فقال:
أمحبة الله فرض أو لا؟ فقلنا: فرض. قال: ما الدليل؟ فما فينا من أجاب

(1) الساجة: واحدة الساج. وهو خشب يجلب من الهند.
(٣٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 340 341 342 343 344 345 346 347 348 349 350 ... » »»