مات الملك أنوجور شابا في سنة تسع وأربعين وثلاث مئة، فأقام كافور أخاه عليا في السلطنة، فبقي ست سنين، وأزمة الأمور إلى كافور، وبعده تسلطن وركب الأسود بالخلعة السوداء الخليفتية، فأشار عليه الكبار بنصب ابن لعلي صورة في اسم الملك، فاعتل بصغره، وما التفت على أحد، وأظهر أن التقليد والأهبة جاءته من المطيع، وذلك في صفر سنة خمس وخمسين، ولم ينتطح فيها عنزان.
وكان مهيبا، سائسا، حليما، جوادا، وقورا، لا يشبه عقله عقول الخدام، وفيه يقول المتنبي (1):
قواصد كافور توارك غيره * ومن قصد البحر استقل السواقيا فجاءت بنا إنسان عين زمانه * وخلت بياضا خلفها ومآقيا فأقام عنده أربع سنين، وناله مال جزيل، ثم هجاه لآمة وكفرا لنعمته، وهرب على البرية، يقول (2):
عن علم الأسود المخصي مكرمة * أقوامه البيض أم آباؤه الصيد وذاك أن الفحول البيض عاجزة * عن الجميل فكيف الخصية السود ودعي لكافور على منابر الشام ومصر والحرمين والثغور.
وقيل: كان شديد اليد، ولا يكاد أحد يمد قوسه فيعطي الفارس قوسه، فإن عجز ضحك واستخدمه، وإن مده قطب.