لبعض الثغور، فتأخر، فتألم وبكى على رؤوس الناس، فجاءه ابن نجيد بألفي درهم، فدعا له، ثم إنه نوه به، وقال: قد رجوت لأبي عمرو بما فعل، فإنه قد ناب عن الجماعة، وحمل كذا وكذا، فقام ابن نجيد، وقال: لكن إنما حملت من مال فامي وهي كارهة، فينبغي أن ترده لترضى. فأمر أبو عثمان بالكيس فرد إليه، فلما جن الليل جاء بالكيس، والتمس من الشيخ ستر ذلك، فبكى، وكان بعد ذلك يقول: أنا أخشى من همة أبي عمرو.
وقال الحاكم: ورث أبو عمرو من آبائه أموالا كثيرة، فأنفق سائرها على العلماء والزهاد، وصحب أبا عثمان الحيري والجنيد، وسمع من الكجي وغيره.
قال أبو عبد الرحمن السلمي (1)، جدي له طريقة ينفرد بها من صون الحال وتلبيسه، سمعته يقول: كل حال لا يكون عن نتيجة علم وإن جل، فإن ضرره على صاحبه أكبر من نفعه.
وسمعته يقول: لا يصفو لاحد قدم في العبودية حتى تكون أفعاله عنده كلها رياء وأحواله كلها عنده دعاوى.
وقال جدي: من قدر على إسقاط جاهه عند الخلق، سهل عليه الاعراض عن الدنيا وأهلها.
وسمعت أبا عمرو بن مطر، يقول: سمعت أبا عثمان الحيري، وخرج من عنده ابن نجيد، يقول: يلومني الناس في هذا الفتى، وأنا لا أعرف على طريقته سواه، وربما يقول: هو خلفي من بعدي.