ولو كان كل من وهم في حديث واحد اتهم لكان هذا لا يسلم منه أحد.
قال الحافظ أبو بكر بن مردويه: دخلت بغداد، وتطلبت حديث إدريس ابن جعفر العطار، عن يزيد بن هارون، وروح، فلم أجد إلا أحاديث معدودة، وقد روى الطبراني، عن إدريس، عن يزيد كثيرا. قلت: هذا لا يدل على شئ، فإن البغاددة كاثروا عن إدريس للينه، وظفر به الطبراني فاغتنم علو إسناده، وأكثر عنه، واعتنى بأمره.
وقال أحمد الباطرقاني: دخل بن مردويه بيت الطبراني وأنا معه وذلك بعد وفاة ابنه أبي ذر لبيع كتب الطبراني، فرأي أجزاء الأوائل بها فاغتم لذلك، وسب الطبراني، وكان سئ الرأي فيه.
وقال سليمان بن إبراهيم الحافظ: كان ابن مردويه في قلبه شئ على الطبراني، فتلفظ بكلام، فقال له أبو نعيم: كم كتبت يا أبا بكر عنه؟ فأشار إلى حزم، فقال: من رأيت مثله؟ فلم يقل شيئا.
قال الحافظ الضياء: ذكر ابن مردويه في تأريخه لأصبهان، جماعة، وضعفهم، وذكر الطبراني فلم يضعفه، فلو كان عنده ضعيفا لضعفه.
قال أبو بكر بن أبي علي المعدل: الطبراني أشهر من أن يدل على فضله وعلمه، كان واسع العلم كثيرا التصانيف، وقيل: ذهبت عيناه في آخر أيامه، فكان يقول: الزنادقة سحرتني، فقال له يوما حسن العطار - تلميذه - يمتحن بصره: كم عدد الجذوع التي في السقف؟ فقال: لا أدري، لكن نقش خاتمي سليمان بن أحمد.
قلت: هذا قاله على سبيل الدعابة، قال: وقال له مرة: من هذا الآتي - يعني: ابنه -؟ فقال: أبو ذر، وليس بالغفاري.