وقال: علم الفناء والبقاء يدور على إخلاص الوحدانية، وصحة العبودية، وما كان غير هذا فهو من المغالطة والزندقة (١).
قلت: صدقت والله، فإن الفناء والبقاء من ترهات الصوفية، أطلقه بعضهم، فدخل من بابه كل إلحادي وكل زنديق، وقالوا: ما سوى الله باطل فان، والله تعالى هو الباقي، وهو هذه الكائنات، وما ثم شئ غيره.
ويقول شاعرهم:
وما أنت غير الكون * بل أنت عينه ويقول الآخر:
وما ثم إلا الله ليس سواه.
فانظر إلى هذا المروق والضلال، بل كل ما سوى الله محدث موجود. قال الله تعالى: ﴿خلق السماوات والأرض وما بينهما في ستة أيام﴾ (٢).
وإنما أراد قدماء الصوفية بالفناء نسيان المخلوقات وتركها، وفناء النفس عن التشاغل بما سوى الله، ولا يسلم إليهم هذا أيضا، بل أمرنا الله ورسوله بالتشاغل بالمخلوقات ورؤيتها والاقبال عليها، وتعظيم خالقها، وقال تعالى: ﴿أو لم ينظروا في ملكوت السماوات والأرض وما خلق الله من شئ﴾ (٣)، وقال: ﴿قل انظروا ماذا في السماوات والأرض﴾ (4).