سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٥ - الصفحة ٢١٤
سقي، وقيل: مص خاتما له مسموما. وكانت الدعوة المذكورة أقيمت في أول جمعة من المحرم، وتسلم صلاح الدين القصر بما حوى من النفائس والأموال، وقبض أيضا على أولاد العاضد وآله، فسجنهم في بيت من القصر، وقمع غلمانهم وأنصارهم، وعفى آثارهم.
قال العماد الكاتب (2): وهم الآن محصورون محسورون لم يظهروا.
وقد نقصوا وتقلصوا، وانتقى صلاح الدين ما أحب من الذخائر، وأطلق البيع بعد في ما بقي، فاستمر البيع فيها مدة عشر سنين (3).
ومن كتاب من إنشاء القاضي الفاضل (4) إلى بغداد: " وقد توالت الفتوح (5) غربا، ويمنا وشاما. وصارت البلاد [بل الدنيا والشهر، بل] والدهر حرما حراما، وأضحى الدين واحدا بعد أن كان أديانا، والخلافة إذا ذكر بها أهل الخلاف لم يخروا عليها صما وعميانا، والبدعة خاشعة، والجمعة جامعة، والمذلة في شيع الضلال شائعة. ذلك بأنهم اتخذوا عباد الله من دونه أولياء، وسموا أعداء الله أصفياء، وتقطعوا أمرهم [بينهم] شيعا، وفرقوا أمر الأمة وكان مجتمعا، وقطع دابرهم، ورغمت أنوفهم

(1) " النجوم الزاهرة ": 5 / 334 - 335.
(2) هو محمد بن صفي الدين محمد، أبو عبد الله. مؤرخ عالم بالأدب. من كتبه:
" خريدة القصر " و " الفتح القسي القدسي ". ولد بأصبهان، وتعلم ببغداد، وعمل في " ديوان الانشاء " زمن السلطان نور الدين، ثم لحق بصلاح الدين بعد وفاته. استوطن دمشق وتوفي بها سنة / 597 / ه‍ له ترجمة في " وفيات الأعيان ": 5 / 147 - 153.
(3) " الروضتين ": 1 / 194 - 195.
(4) هو عبد الرحيم بن علي اللخمي، المعروف بالقاضي الفاضل، وزير من أئمة الكتاب، وزر للسلطان صلاح الدين، ولد بعسقلان، وتوفي بالقاهرة سنة / 596 / ه‍ له ترجمة في " خريدة القصر ": قسم شعراء مصر: 1 / 35 - 54، و " وفيات الأعيان ": 3 / 158 - 163.
(5) في " الروضتين ": عربا، بالعين المهملة.
(٢١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 ... » »»