سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٥ - الصفحة ١٢٢
والزينة وبين يديه المصحف العثماني، وعلى كتفه البردة وبيده القضيب، وهو متقلد السيف (1). وأسبلت الستارة، ودخل الترك والديلم بلا سلاح، ثم أذن لعضد الدولة، ورفعت له الستارة، فقبل الأرض، قال: فارتاع زياد (2) القائد، وقال بالفارسية: أهذا هو الله، فقيل له: بل خليفة الله في أرضه. ومشى عضد الدولة، وقبل الأرض مرات سبعا، فقال الطائع لخادمه: استدنه. فصعد، وقبل الأرض مرتين، فقال: ادن إلي، فدنا حتى قبل رجله، فثنى الطائع يده عليه، وأمره، فجلس على كرسي بعد الامتناع، حتى قال: أقسمت لتجلسن، ثم قال: ما كان أشوقنا إليك، وأتوقنا إلى مفاوضتك، فقال: عذري معلوم، قال: نيتك موثوق بها، فأومأ برأسه، فقال: قد رأيت أن أفوض إليك ما وكله الله إلي من أمور الرعية في شرق الأرض وغربها سوى خاصتي وأسبابي، فتولى ذلك مستجيرا بالله، قال: يعينني الله على طاعة مولانا أمير المؤمنين وخدمته، وأريد كبار القواد أن يسمعوا لفظك، قال الطائع: هاتوا الحسين بن موسى، وابن معروف، وابن أم شيبان. فقدموا، فأعاد الطائع قوله بالتفويض، ثم ألبس الخلع والتاج، فأومأ ليقبل الأرض فلم يطق. فقال الطائع: حسبك. وعقد له لواءين بيده. ثم قال: يقرأ كتابه فقرئ. فقال الطائع: خار الله لنا ولك وللمسلمين، آمرك بما أمرك الله به، وأنهاك عما نهاك الله عنه، وأبرأ إلى الله مما سوى ذلك. انهض على اسم الله. ثم أعطاه بيده سيفا ثانيا غير سيف الخلعة، وخرج من باب الخاصة، وشق البلد.
وعمل أبو إسحاق الصابئ (3) قصيدته، فمنها:

(1) أي سيف النبي صلى الله عليه وسلم.
(2) أحد قواد عضد الدولة.
(3) هو إبراهيم بن هلال بن إبراهيم بن زهرون، الحراني، أبو إسحاق الصابئ: نابغة كتاب جيله، تقلد دواوين الرسائل والمظالم أيام المطيع لله العباسي، ثم قلده معز الدولة ديوان رسائله. له كتاب " التاجي " في أخبار بني بويه، توفي سنة / 384 / ه‍ له ترجمة في " يتيمة الدهر ": 2 / 218 - 286.
(١٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 ... » »»