سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١٣ - الصفحة ٢٩٩
وقال مسعود السجزي: سمعت أبا عبد الله الحاكم يقول: أجمعت الأمة على أن القتبي كذاب.
قلت: هذه مجازفة وقلة ورع، فما علمت أحدا اتهمه بالكذب قبل هذه القولة، بل قال الخطيب: إنه ثقة (1).
وقد أنبأني أحمد بن سلامة، عن حماد الحراني أنه سمع السلفي ينكر على الحاكم في قوله: لا تجوز الرواية عن ابن قتيبة. ويقول: ابن قتيبة من الثقات، وأهل السنة. ثم قال: لكن الحاكم قصده لأجل المذهب.
قلت: عهدي بالحاكم يميل إلى الكرامية، ثم ما رأيت لأبي محمد في كتاب " مشكل الحديث " ما يخالف طريقة المثبتة والحنابلة، ومن أن أخبار الصفات تمر ولا تتأول، فالله أعلم.
وكان ابنه أحمد (2) حفظة، فحفظ مصنفات أبيه، وحدث بها بمصر لما ولي قضاءها من حفظه، واجتمع لسماعها الخلق سنة نيف وعشرين وثلاث مئة، وكان يقول: إن والده أبا محمد لقنه إياها.
وما أحسن قول نعيم بن حماد، الذي سمعناه بأصح إسناد عن محمد ابن إسماعيل الترمذي، أنه سمعه يقول: من شبه الله بخلقه، فقد كفر، ومن أنكر ما وصف الله به نفسه، فقد كفر، وليس ما وصف به نفسه ولا رسوله تشبيها.
قلت: أراد أن الصفات تابعة للموصوف، فإذا كان الموصوف تعالى: * (ليس كمثله شئ) * [الشورى: 11]، في ذاته المقدسة، فكذلك

(1) تقدم قول الخطيب هذا قبل قليل.
(2) انظر ترجمته في " وفيات الأعيان " 3 / 43، نهاية ترجمة أبيه.
(٢٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 294 295 296 297 298 299 300 301 302 303 304 ... » »»