سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١١ - الصفحة ٣٩٦
في الحفظ والكثرة على جميع مشايخهم، ويقول: ظهر لأبي كريب بالكوفة ثلاث مئة ألف حديث.
وقال محمد بن حامد بن إدريس البخاري، عن صالح بن محمد جزرة: غلبت اليبوسة مرة على رأس أبي كريب، فجئ بالطبيب، فقال:
ينبغي أن يغلف رأسه بالفالوذج. قال: ففعلوا. قال: فتناوله من رأسه، ووضعه في فيه، وقال: بطني أحوج إليه من رأسي.
قلت: بلغ في رحلته إلى دمشق، فعنه قال: أتيت يحيى بن حمزة، فوجدت عليه سواد القضاء (1)، فلم أسمع منه، وكنت سافرت أريد إفريقية.
قال مطين: أوصى أبو كريب بكتبه أن تدفن فدفنت.
قلت: فعل هذا بكتبه من الدفن والغسل والاحراق عدة من الحفاظ خوفا من أن يظفر بها محدث قليل الدين، فيغير فيها، ويزيد فيها، فينسب ذلك إلى الحافظ، أو أن أصوله كان فيها مقاطيع وواهيات ما حدث بها أبدا، وإنما انتخب من أصوله ما رواه، وما بقي، فرغب عنه، وما وجدوا لذلك سوى الاعدام. فلهذا ونحوه دفن، رحمه الله، كتبه.
قال البخاري وغيره: مات أبو كريب في يوم الثلاثاء لأربع بقين من جمادى الآخرة سنة وثمان وأربعين ومئتين.
وقال مطين: مات لثلاث بقين من جمادى الأولى. ومن قال: مات سنة سبع، فقد أخطأ. وعاش سبعا وثمانين سنة.
أخبرنا أبو المعالي الأبرقوهي، أخبرنا الفتح بن عبد السلام، أخبرنا هبة

(1) كان القضاة في العصر العباسي يلبسون السواد، لأنه شعار الدولة العباسية.
(٣٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 391 392 393 394 395 396 397 398 399 400 401 ... » »»