طلع أحمد بن حنبل، فقالوا: هذا هو، فقال وكيع: ها هنا يا أبا عبد الله، فأفرجوا له، فجعلوا يذكرون عن أبي عبد الله الذي ينكرون. وجعل أبو عبد الله يحتج بالأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم. فقالوا لوكيع: هذا بحضرتك ترى ما يقول؟ فقال: رجل يقول: قال رسول الله، أيش أقول له؟ ثم قال: ليس القول إلا كما قلت يا أبا عبد الله، فقال القوم لوكيع: خدعك والله البغدادي.
قال عارم: وضع أحمد عندي نفقته، فقلت له يوما، يا أبا عبد الله، بلغني أنك من العرب. فقال: يا أبا النعمان، نحن قوم مساكين. فلم يزل يدافعني حتى خرج، ولم يقل لي شيئا.
قال الخلال: أخبرنا المروذي: أن أبا عبد الله، قال: ما تزوجت إلا بعد الأربعين.
وعن أحمد الدورقي، عن أبي عبد الله، قال: نحن كتبنا الحديث من ستة وجوه وسبعة لم نضبطه، فكيف يضبطه من كتبه من وجه واحد؟! قال عبد الله بن أحمد: قال لي أبو زرعة. أبوك يحفظ ألف ألف حديث، فقيل له: وما يدريك؟ قال: ذاكرته فأخذت عليه الأبواب.
فهذه حكاية صحيحة في سعة علم أبي عبد الله، وكانوا يعدون في ذلك المكرر، والأثر، وفتوى التابعي، وما فسر، ونحو ذلك. وإلا فالمتون المرفوعة القوية لا تبلغ عشر معشار ذلك.
قال ابن أبي حاتم: قال سعيد بن عمرو: يا أبا زرعة، أأنت أحفظ، أم أحمد؟ قال: بل أحمد. قلت: كيف علمت؟ قال: وجدت كتبه ليس في أوائل الاجزاء أسماء الذين حدثوه. فكان يحفظ كل جزء ممن سمعه، وأنا لا أقدر على هذا.