ثم اصطلح هرثمة ورافع بن الليث بن نصر بن سيار، وقدما على المأمون، ومعه طاهر بن الحسين، ثم بعث الأمين يطلب من المأمون تقدم موسى ولده على المأمون، ولقبه الناطق بالحق، فأبى ذلك المأمون، واستمال المأمون الرسول، فبايعه سرا، وبقي يكاتبه، وهو العباس بن موسى بن عيسى بن موسى (1).
وأما الأمين، فبلغه خلاف المأمون، فأسقطه من الدعاء، وطلب كتبه الرشيد وعلقه بالكعبة من العهد بين الأخوين، فمزقه، فلامه الألباء، فلم ينتصح، حتى قال له خازم بن خزيمة: لن ينصحك من كذبك، ولن يغشك من صدقك، لا تجسر القواد على الخلع، فيخلعوك، ولا تحملهم على النكث، فالغادر مفلول، والناكث مخذول، فلم يلتفت، وبايع لموسى بالعهد، واستوزر له.
فلما عرف المأمون، خلع أخاه، وتسمى بأمير المؤمنين، وأما ابن ماهان، فجهزه الأمين، وخصه بمئتي ألف دينار، وأعطاه قيدا من فضة ليقيد به المأمون بزعمه. وعرض الأمين جيشه بالنهروان، وأقبل طاهر في أربعة آلاف فالتقوا، فقتل ابن ماهان، وتمزق جيشه، هذا والأمين عاكف على اللهو واللعب، فبعث جيشا آخر، وندم على خلع المأمون، وطمع فيه أمراؤه، ثم التقى طاهر وعسكر الأمين على همذان، وقتل خلق، وعظم الخطب، ودخل جيش الأمين إلى همذان، فحاصرهم طاهر، ثم نزل أميرهم إلى طاهر بالأمان في سنة 95 (2).