سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٨ - الصفحة ٥٢٠
وهشام بن خالد الأزرق، ويعقوب الدورقي، وعبدة بن عبد الرحيم المروزي، وخلق كثير، خاتمتهم: أبو عتبة أحمد بن الفرج الحجازي.
روى رباح بن زيد الكوفي، عن ابن المبارك قال: إذا اجتمع إسماعيل بن عياش وبقية بن الوليد، فبقية أحب إلي.
وروى سفيان بن عبد الملك، عن ابن المبارك قال: بقية كان صدوقا، لكنه يكتب عمن أقبل وأدبر.
وقال يحيى بن المغيرة الرازي، عن ابن عيينة: لا تسمعوا من بقية ما كان في سنة، واسمعوا منه ما كان في ثواب وغيره.
قلت: لهذا أكثر الأئمة على التشديد في أحاديث الاحكام، والترخيص قليلا، لا كل الترخص في الفضائل والرقائق، فيقبلون في ذلك ما ضعف إسناده، لا ما اتهم رواته، فإن الأحاديث الموضوعة، والأحاديث الشديدة الوهن لا يلتفتون إليها، بل يروونها للتحذير منها، والهتك لحالها، فمن دلسها أو غطى تبيانها، فهو جان على السنة، خائن لله ورسوله. فإن كان يجهل ذلك، فقد يعذر بالجهل، ولكن سلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون (1).

(١) قال محدث الديار الشامية في عصره العلامة الشيخ بدر الدين الحسني فيما نقله عنه الشيخ محمود ياسين في مجلة الهداية الاسلامية: 8 / 264: لا يجوز إسناد حديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا إذا نص على صحة هذا الحديث حافظ من الحفاظ المعروفين، ومن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو لا يعلم صحة ذلك من طريق أحد الحفاظ يوشك أن يصدق عليه حديث: " من قال علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار ". فليحذر الخطباء والمدرسون الوعاظ من إسناد حديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يعلموا صحته من طريق حافظ مشهور من حفاظ الحديث، وعليهم إذا لم يعلموا ذلك أن يذكروا الحديث معزوا إلى الكتاب الذي نقلوا منه كالترمذي والنسائي، وبذلك يخرجون من العهدة، أما الذين يحملون بأيديهم الكتب التي لا قيمة لها عند علماء الحديث الشريف، ككثير من كتب الأخلاق والوعظ المنتشرة بالأيدي، فلا يكفي عز والحديث إليها، ولا يخرج القارئ من الوزر. والذين سوغوا العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال، ذكروا له شروطا ثلاثة: الأول أن يكون مندرجا تحت أصل عام، والثاني: أن يكون الضعف غير شديد، فيخرج من انفرد من الكذابين والمتهمين ومن فحش غلطه، والثالث: ألا يعتقد عند العمل به ثبوته، لئلا ينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم ما لم يقله. وقد اشترط الشيخ محدث الديار الشامية رحمه الله في جواز العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال شرطين: الأول: عدم إسناد لفظه للنبي صلى الله عليه وسلم، والثاني: ألا يخالف ما فيه من حكم حديثا صحيحا أو حكما معروفا..
(٥٢٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 515 516 517 518 519 520 521 522 523 524 525 ... » »»