سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٦ - الصفحة ٤٠٥
حدث عنه: ابن المبارك، وابن وهب، والمقرئ، وأبو عاصم، وهانئ ابن المتوكل، وعبد الله بن يحيى البرلسي وآخرون.
وثقه أحمد بن حنبل وغيره. قال ابن وهب: ما رأيت أحدا أشد استخفاء بعمله من حياة، وكان يعرف بالإجابة، يعني في الدعاء.
وقال ابن المبارك: وصف لي حياة فكانت رؤيته أكثر من صفته.
قال ابن وهب: كان حياة يأخذ عطاءه في السنة ستين دينارا فلم يطلع إلى منزله حتى يتصدق بها، ثم يجئ إلى منزله، فيجدها تحت فراشه، وبلغ ذلك، ابن عم له، فأخذ عطاءه، فتصدق به كله، وجاء إلى تحت فراشه فلم يجد شيئا، فشكا إلى حياة فقال: أنا أعطيت ربي بيقين، وأنت أعطيته تجربة. وكنا نجلس إلى حياة في الفقه فيقول: أبدلني الله بكم عمودا أقوم وراءه أصلي، ثم فعل ذلك.
أحمد بن سهل الأردني، عن خالد الفزر، قال: كان حياة بن شريح من البكائين، وكان ضيق الحال جدا يعني فقيرا مسكينا. فجلست وهو متخل يدعو. فقلت: لو دعوت الله أن يوسع عليك؟! فالتفت يمينا وشمالا فلم ير أحدا، فأخذ حصاة، فرمى بها إلي، فإذا هي تبرة في كفي، والله ما رأيت أحسن منها، وقال: ما خير في الدنيا إلا للآخرة. ثم قال: هو أعلم بما يصلح عباده. فقلت: ما أصنع بهذه؟ قال: استنفقها، فهبته والله أن أردها.
وقال حياة مرة لبعض نواب مصر: يا هذا لا تخلين بلادنا من السلاح، فنحن بين قبطي لا ندري متى ينقض، وبين حبشي لا ندري متى يغشانا، وبين رومي لا ندري متى يحل بساحتنا، وبربري لا ندري متى يثور.
توفي هذا السيد في سنة ثمان وخمسين ومئة. ويقال: توفي سنة تسع.
وسائر المصريين الصلحاء لم يوردهم صاحب " الحلية " ولا عرفهم.
(٤٠٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 400 401 402 403 404 405 406 407 408 409 410 ... » »»