سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٦ - الصفحة ١٠٨
وقال سفيان الثوري: حدثني الميزان، عبد الملك بن أبي سليمان - وأشار سفيان بيده كأنه يزن - وقال ابن المبارك: عبد الملك بن أبي سليمان ميزان.
وقال أبو داود: قلت لأحمد: عبد الملك بن أبي سليمان؟ قال: ثقة.
قلت: يخطئ؟ قال: نعم، وكان من أحفظ أهل الكوفة، إلا أنه رفع أحاديث عن عطاء.
وسئل يحيى بن معين، عن حديث عطاء، عن جابر، عن النبي صلى الله عليه وسلم في الشفعة (1)، فقال: لم يحدث به إلا عبد الملك، وقد أنكره عليه الناس، ولكن عبد الملك ثقة، صدوق، لا يرد على مثله، قلت: تكلم فيه شعبة لهذا الحديث.
وروى عبد الله بن أحمد، عن أبيه قال: هذا حديث منكر (2). قال محمد

(1) وهو ما أخرجه أبو داود (3518)، والترمذي (1369)، وابن ماجة (2494) من طريق عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء، عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الجار أحق بشفعة جاره، ينتظر بها وإن كان غائبا، إذا كان طريقهما واحدا " وهذا سند قوي. قال الترمذي: حسن غريب، ولا نعلم أحدا روى هذا الحديث غير عبد الملك بن أبي سليمان وعبد الملك هو ثقة مأمون عند أهل الحديث. ولا نعلم أحدا تكلم فيه غير شعبة من أجل هذا الحديث.
(2) وقد رد ذلك ابن الجوزي في " التنقيح " فيما نقله الزيلعي في " نصب الراية " 4 / 174 بأنه حديث صحيح، وأنه لا منافاة بينه وبين رواية جابر المشهورة، وهي: " الشفعة في كل ما لا يقسم، فإذا وقعت الحدود فلا شفعة " فإن في حديث عبد الملك إذا كان طريقهما واحدا - وحديث جابر المشهور، لم ينف فيه استحقاق الشفعة إلا بشرط تصرف الطرق.
فنقول: إذا اشترك الجاران في المنافع: كالبئر، أو السطح، أو الطريق، فالجار أحق بسقب جاره، لحديث عبد الملك. وإذا لم يشتركا في شئ من المنافع، فلا شفعة، لحديث جابر المشهور.
وطعن شعبة في عبد الملك بسبب هذا الحديث لا يقدح فيه فإنه ثقة، وشعبة لم يكن من الحذاق في الفقه ليجمع بين الأحاديث إذا ظهر تعارضها، إنما كان حافظا. وغير شعبة إنما طعن فيه تبعا لشعبة.
(١٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 ... » »»