سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٤ - الصفحة ٤٩٩
له: أنت في خلق من مواليك وجندك، أفلا أقمت في مقر عزك، وبعثت بالتقادم، قال: لو أردت، لصار، ولكن آثرت الله ولم أر الخروج. فقال له يزيد: وكلنا ذاك الرجل - أراد بهذا قدومه على الحجاج.
وقال له سليمان يوما: ما كنت تفزع إليه عند الحرب؟ قال: الدعاء والصبر، قال: فأي الخيل رأيت أصبر؟ قال: الشقر، قال: فأي الأمم أشد قتالا؟ قال: هم أكثر من أن أصف، قال: فأخبرني عن الروم، قال: أسد في حصونهم، عقبان على خيولهم، نساء في مراكبهم، إن رأوا فرصة، انتهزوها، وإن رأوا غلبة، فأوعال تذهب في الجبال، لا يرون الهزيمة عارا. قال:
فالبربر؟ قال: هم أشبه العجم بالعرب لقاء ونجدة وصبرا وفروسية، غير أنهم أغدر الناس، قال: فأهل الأندلس؟ قال: ملوك مترفون، وفرسان لا يجبنون، قال: فالفرنج؟ قال: هناك العدد والجلد، والشدة والبأس، قال: فكيف كانت الحرب بينك وبينهم؟ قال: أما هذا فوالله ما هزمت لي راية قط، ولا بدد لي جمع، ولا نكب المسلمون معي منذ اقتحمت الأربعين إلى أن بلغت الثمانين، ولقد بعثت إلى الوليد بتور (1) زبرجد، كان يجعل فيه اللبن حتى ترى فيه الشعرة البيضاء. ثم أخذ يعدد ما أصاب من الجوهر والزبرجد حتى تحير سليمان.
وقيل: إن مروان لما قرر ولده عبد العزيز على مصر، جعل عنده موسى ابن نصير، ثم كان موسى مع بشر بن مروان وزيرا بالعراق.
قال الفسوي: كان ذا حزم وتدبير، افتتح بلادا كثيرة، وولي إفريقية سنة تسع وسبعين.
وقيل: إنه قال مرة: والله لو انقاد الناس لي، لقدتهم حتى أوقفهم على

1) التور: الاناء.
(٤٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 494 495 496 497 498 499 500 501 502 503 504 ... » »»