سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٣ - الصفحة ٢٥
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: الحمد لله الذي هداك للاسلام، قال أبو بكر: أمن مصر أقبلتم؟ قلت: نعم، قال: ما فعل المالكيون؟ قلت: قتلتهم، وأخذت أسلابهم، وجئت بها إلى رسول الله ليخمسها.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " أما إسلامك فنقبله، ولا آخذ من أموالهم شيئا، لان هذا غدر، ولا خير في الغدر " فأخذني ما قرب وما بعد، وقلت: إنما قتلتهم وأنا على دين قومي، ثم أسلمت الساعة، قال: " فإن الاسلام يجب ما كان قبله ".
وكان قتل منهم ثلاثة عشر (1)، فبلغ ثقيفا بالطائف، فتداعوا للقتال، ثم اصطلحوا على أن يحمل عني عروة بن مسعود ثلاث عشرة دية.
وأقمت مع النبي صلى الله عليه وسلم، حتى اعتمر عمرة الحديبية، فكانت أول سفرة خرجت معه فيها. وكنت أكون مع الصديق وألزم رسول الله صلى الله عليه وسلم فيمن يلزمه.
قال: وبعثت قريش عام الحديبية عروة بن مسعود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليكلمه، فأتاه، فكلمه، وجعل يمس لحيته، وأنا قائم على رأس رسول الله مقنع في الحديد، فقال المغيرة لعروة: كف يدك قبل أن لا تصل إليك، فقال: من ذا يا محمد؟ ما أفظه وأغلظه، قال: ابن أخيك، فقال: يا غدر، والله ما غسلت عني سوأتك إلا بالأمس (2).

(١) هو في " طبقات ابن سعد ": ٤ / ٢٨٥، ٢٨٦ إلى هنا. وبقية الخبر مخروم. وانظر:
" المصنف " رقم (٩٦٧٨).
(٢) أخرجه بطوله صاحب الأغاني: ١٦ / ٨٠، ٨٢، وابن عساكر: ١٧، ٣٥ / آ / ٣٦ من طريق الواقدي، وقوله " إن الاسلام يجب ما قبله " حديث صحيح أخرجه أحمد ٤ / ١٩٩ و ٢٠٤ و ٢٠٥، ومسلم في " صحيحه " (١٢١) من حديث عمرو بن العاص، ومن قوله: وبعثت قريش، إلى آخر الخبر معناه في صحيح البخاري: ٥ / ٢٤٩ في الشروط: باب الشروط في الجهاد والمصالحة، وهو جزء من خبر صلح الحديبية الطويل. وقول عروة: " والله ما غسلت عني سوأتك إلا بالأمس ": قال ابن هشام في " السيرة " 2 / 313: أراد عروة بقوله هذا أن المغيرة بن شعبة قبل إسلامه قتل ثلاثة عشر رجلا من بني مالك من ثقيف، فتهايج الحيان من ثقيف: بنو مالك رهط المقتولين، والاحلاف رهط المغيرة، فودى عروة المقتولين ثلاث عشرة دية، وأصلح ذلك الامر.
(٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 ... » »»