سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٢ - الصفحة ٥٧٠
إسحاق، ما من عبد تفرغ لعبادة الله إلا كفاه الله مؤونة الدنيا.
قال كعب: فإن في كتاب الله المنزل: من جعل الهموم هما واحدا، فجعله في طاعة الله، كفاه الله ما همه; وضمن السماوات والأرض، فكان رزقه على الله وعمله لنفسه. ومن فرق همومه، فجعل في كل واد هما; لم يبال الله في أيها هلك.
قلت: من التفرغ للعبادة السعي في السبب، ولا سيما لمن له عيال، قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إن أفضل ما أكل الرجل من كسب يمينه " (1).
أما من يعجز عن السبب، لضعف، أو لقلة حيلة، فقد جعل الله له حظا في الزكاة.
ابن أبي عاصم: حدثنا عمرو بن عثمان: حدثنا أبي: حدثنا خالد بن محمد الكندي وهو والد أحمد بن خالد الوهبي: سمع أبا الزاهرية:
سمعت أبا ثعلبة يقول: إني لأرجو ألا يخنقني الله كما أراكم تخنقون.
فبينا هو يصلي في جوف الليل، قبض، وهو ساجد. فرأت بنته أن أباها قد مات، فاستيقظت فزعة، فنادت أمها: أين أبي؟ قالت: في

(1) أخرجه الطبراني في " الكبير " و " الأوسط " من حديث ابن عمر بلفظ " أفضل الكسب عمل الرجل بيده، وكل بيع مبرور " ورجاله ثقات كما قال الهيثمي في " المجمع " 4 / 61، وفي الباب عن رافع بن خديج عند أحمد 4 / 141، والحاكم 2 / 10 بلفظ: " أطيب الكسب عمل الرجل بيده، وكل بيع مبرور " وسنده حسن في الشواهد، وعن عائشة عند النسائي 7 / 240، 241 بلفظ: " إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه وإن ولده من كسبه " وأخرجه الترمذي (1358) وابن ماجة (2137) وأبو داود (3528) وأخرج البخاري 4 / 259 من حديث المقدام رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: " ما أكل أحد طعاما قط خيرا من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود كان يأكل عن عمل يده ".
(٥٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 565 566 567 568 569 570 571 572 573 574 575 ... » »»