سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ٢ - الصفحة ٣١٣
وعاذله هبت بليل تلومني * وتعذلني بالليل ضل ضلالها (1) وتزعم أني إن أطعت عشيرتي * سأوذى وهل يؤذيني إلا زوالها (2) فإن كنت قد تابعت دين محمد * وقطعت الأرحام منك حبالها فكوني على أعلى سحيق بهضبة * ململمة غبراء يبس بلالها (3) قلت: لم يذكر أحد أن هبيرة أسلم.
عاشت أم هانئ إلى بعد سنة خمسين.
القعنبي، عن مالك، عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله: أن أبا مرة مولى أم هانئ أخبره: أنه سمع أم هانئ تقول: ذهبت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح، فوجدته يغتسل، وفاطمة تستره بثوب، فسلمت. فقال: " من هذه "؟ قلت: أنا أم هانئ بنت أبي طالب. فقال: " مرحبا بأم هانئ ".
فلما فرغ من غسله، قام فصلى ثمان ركعات ملتحفا في ثوب واحد.
فقلت: يا رسول الله، زعم ابن أمي - تعني عليا - أنه قاتل رجلا قد أجرته:
فلان ابن هبيرة. فقال: " قد أجرنا من أجرت يا أم هانئ " وذلك ضحى (4).

(١) الأبيات في " سيرة ابن هشام " ٢ / ٤٢٠، و " أسد الغابة " ٧ / ٤٠٤، ٤٠٥، والثالث والرابع في " الاشتقاق " لابن دريد: ١٥٢، ونسب قريش: ٣٩.
(٢) رواية الشطر الثاني في " السيرة ".
سأردى وهل يردين إلا زيالها.
وزيالها: ذهابها.
(٣) السحيق: البعيد، والهضبة: الكدية العالية، والململمة: المستديرة، والغبراء: التي علاها الغبار، ويبس: يابسة.
(٤) إسناده صحيح، وهو في " الموطأ " ١ / ١٥٢ في قصر الصلاة: باب صلاة الضحى، والبخاري ٦ / ١٩٥، ١٩٦ في الجهاد: باب أمان النساء وجوارهن، ومسلم (336) (82) في صلاة المسافرين وقصرها: باب استحباب صلاة الصحي.
وقولها: " فلان ابن هبيرة " قيل: هو جعدة بن هبيرة، ورده ابن عبد البر بأنه ابنها، فلا تحتاج إلى إجارته لصغر سنه والحكم بإسلامه، ولا يعرف لهبيرة ابن من غير أم هانئ. قال الحافظ ابن حجر: والذي يظهر لي أن في الرواية حذفا أو تحريفا أي: فلان ابن عم هبيرة أو قريب هبيرة، فسقط لفظ " عم " أو تغير لفظ " قريب " بلفظ " ابن " قال: وقد سمى ابن هشام في سيرته وغيره الذي أجارته: الحارث بن هشام، و عبد الله بن أبي ربيعة، وهما مخزوميان، فيصح أن يكون كل منهما ابن عم هبيرة، لأنه مخزومي.
(٣١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 308 309 310 311 312 313 314 315 316 317 318 ... » »»