الوليد بن مسلم: حدثنا أبو عمرو، ومالك بن أنس: أن أهل قيسارية أسروا ابن حذافة، فأمر به ملكهم، فجرب بأشياء صبر عليها. ثم جعلوا له في بيت معه الخمر ولحم الخنزير ثلاثا لا يأكل، فاطلعوا عليه، فقالوا للملك: قد انثنى عنقه، فإن أخرجته وإلا مات. فأخرجه، وقال: ما منعك أن تأكل وتشرب؟
قال: أما إن الضرورة كانت قد أحلتها لي، ولكن كرهت أن أشمتك بالاسلام. قال: فقبل رأسي، وأخلي لك مئة أسير. قال: أما هذا، فنعم.
فقبل رأسه، فخلى له مئة، وخلى سبيله.
وقد روى ابن عائذ قصة ابن حذافة فقال: حدثنا الوليد بن محمد: أن ابن حذافة أسر. فذكر القصة مطولة، وفيها: أطلق له ثلاث مئة أسير، وأجازه بثلاثين ألف دينار، وثلاثين وصيفة، وثلاثين وصيفا.
ولعل هذا الملك قد أسلم سرا. ويدل على [ذلك] مبالغته في إكرام ابن حذافة.
وكذا القول في هرقل إذ عرض على قومه الدخول في الدين، فلما خافهم قال: إنما كنت أختبر شدتكم في دينكم.
فمن أسلم في باطنه هكذا، فيرجى له الخلاص من خلود النار; إذ قد حصل في باطنه إيمانا ما (1) وإنما يخاف أن يكون قد خضع للاسلام وللرسول، وأعتقد أنهما حق، مع كون أنه على دين صحيح، فتراه يعظم للدينين، كما قد فعله كثير من المسلمانية الدواوين (2)، فهذا لا ينفعه