سير أعلام النبلاء - الذهبي - ج ١ - الصفحة ٤١٧
أبو نعيم: حدثنا سعد بن أوس عن بلال بن يحيى، أن حذيفة أتي وهو ثقيل بالموت، فقيل له: قتل عثمان فما تأمرنا؟ فقال: سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول: " أبو اليقظان على الفطرة " ثلاث مرات، " لن يدعها حتى يموت أو يلبسه الهرم " (1).
البغوي: حدثنا ابن حميد، حدثنا هارون بن المغيرة، حدثنا عمرو بن أبي قيس، عن عمار الدهني، عن سالم بن أبي الجعد، عن مسروق، عن عائشة قالت: انظروا عمارا فإنه يموت على الفطرة إلا أن تدركه هفوة من كبر (2).
فيه من تضعف، ويروى عن سعد بن أبي وقاص مرفوعا نحوه.
قال علقمة: قال لي أبو الدرداء: أليس فيكم الذي أعاذه الله على لسان نبيه من الشيطان؟ - يعني عمارا... الحديث (3).

(١) أخرجه ابن سعد ٣ / ١ / ١٨٨، وذكره الهيثمي في " المجمع " ٩ / ٢٩٥، وقال: رواه الطبراني، والبزار باختصار، ورجالهما ثقات.
(٢) رجاله ثقات. وفي عمرو بن أبي قيس قال الحافظ في التقريب: صدوق له أوهام. فحديثه حسن. وهذا ما عناه الذهبي بقوله: فيه من تضعف، وأخرجه الحاكم ٣ / ٣٩٣ - ٣٩٤ وصححه، ووافقه الذهبي.
(٣) أخرجه أحمد ٦ / ٤٤٥، ٤٥١، والبخاري (٣٧٤٢) و (٣٧٦١) في فضائل الصحابة، في بابي، فضائل عمار، ومناقب عبد الله بن مسعود، من طريق موسى بن أبي عوانة، عن مغيرة، عن إبراهيم، عن علقمة: دخلت الشام فصليت ركعتين فقلت: اللهم يسر لي جليسا. فرأيت شيخا مقبلا، فلما دنا قلت: أرجو أن يكون استجاب الله. قال: من أين أنت؟ قلت: من أهل الكوفة قال:
أفلم يكن فيكم صاحب النعلين والوساد والمطهرة؟ أولم يكن فيكم الذي أجير من الشيطان؟ أولم يكن فيكم صاحب السر الذي لا يعلمه غيره؟ كيف قرأ ابن أم عبد (والليل)؟ فقرأت: (والليل إذا يغشى، والنهار إذا تجلى والذكر والأنثى). قال: أقرأنيها النبي، صلى الله عليه وسلم، فاه إلى في. فما زال هؤلاء حتى كادوا يردونني ". وهذه رواية البخاري.
وأخرجه الطبري ٣٠ / ٢١٧ - ٢١٨، من طرق، منها هذه، وعند مسلم بنحوه (٨٢٤)، وانظر ابن كثير ٤ / ٥١٧ وما بعدها. وقال الحافظ ابن حجر في " الفتح " ٨ / ٧٠٧ بعد أن شرح الحديث (٤٩٤٤) وبين رواياته: باب وما خلق الذكر والأنثى: ثم إن هذه القراءة - يعني قراءة ابن مسعود - لم تنقل إلا عمن ذكر هنا ومن عداهم قرؤوا (وما خلق الذكر والأنثى). وعليها استقر الامر مع قوة إسناد ذلك إلى أبي الدرداء ومن ذكر معه. ولعل هذا مما نسخت تلاوته ولم يبلغ النسخ أبا الدرداء ومن ذكر معه. والعجب من نقل الحفاظ من الكوفيين هذه القراءة عن علقمة، وعن ابن مسعود، وإليهما تنتهي القراءة بالكوفة، ثم لم يقرأ بها أحد منهم. وكذا أهل الشام حملوا القراءة عن أبي الدرداء ولم يقرأ أحد منهم بهذا. فهذا مما يقوي أن التلاوة بها نسخت.
وقال النووي في " شرح صحيح مسلم " ٢ / ٤٧٥: قال القاضي: قال المازري: يجب أن يعتقد في هذا الخبر وما في معناه أن ذلك كان قرآنا ثم نسخ، ولم يعلم من خالف النسخ، فبقي على النسخ، ولعل هذا وقع من بعضهم قبل أن يبلغهم مصحف عثمان المجمع عليه، المحذوف منه كل منسوخ. وأما بعد ظهور مصحف عثمان فلا يظن بأحد منهم أنه خالف فيه. وأما ابن مسعود فرويت عنه روايات كثيرة منها ما ليس بثابت عند أهل النقل. وما ثبت منها مخالفا لما قلناه فهو محمول على أنه كان يكتب في مصحفه بعض الأحكام والتفاسير مما يعتقد أنه ليس بقرآن وكان لا يعتقد تحريم ذلك. وكان يراه كصحيفة يثبت فيها ما يشاء. وكان رأي عثمان والجماعة منع ذلك لئلا يتطاول الزمان فيظن ذلك قرآنا.
وقال الأبي في شرحه لمسلم ٢ / ٤٣٤ - ٤٣٥: " هذا الخبر وأمثاله مما يطعن به الملحدة، في نقل القرآن متواترا، فيجب أن يحمل على أن ذلك كان قرآنا ونسخ، ولم يعلم بالنسخ بعض من خالف فبقي على الأول. ولعل هذا إنما وقع من بعضهم قبل أن يبلغه مصحف عثمان المجمع عليه، المحذوف منه كل منسوخ، وأما بعد بلوغه، فلا يظن بأحد منهم أنه خالف فيه ".
(٤١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 412 413 414 415 416 417 418 419 420 421 422 ... » »»